سياسة

العثماني لـ«رسالة 24».. الخلاف داخل الأغلبية الحكومية مطلوب قوانين جوهرية تأخرت المصادقة عليها بالبرلمان بمجلسيه ومنها ما تجاوز مداه الزمني

حاوره الزميل عبد الحق العضيمي//

دافع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، عن حصيلة منتصف الولاية الحكومية، وقال إنه «خلال سنتين من عمر الحكومة، تم تحقيق جزء مهم من الأهداف الواردة في البرنامج الحكومي، الذي تعاقدنا عليه مع الشعب المغربي والذي على أساسه حزنا ثقة البرلمان». العثماني وفي حوار صريح مع «رسالة الأمة»، شدد على أن الحكومة التي يرأسها «لا تدعي حل جميع المشاكل العالقة»، كاشفا عن أولوياتها لما تبقى من الولاية الحكومية، لاسيما على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. وتطرق رئيس الحكومة لموضوع انسجام الأغلبية الحكومية، إذ قال إنه «لولا وجود حد معقول من الانسجام، ما استطاعت الحكومة تحقيق ما حققته ولا أن تبادر بعرض حصيلتها المرحلية أمام المؤسسة التشريعية.» ثم زاد موضحا أن المهم بالنسبة لأحزاب الأغلبية الحكومية أنها «تلتزم بالبرنامج الحكومي، علاوة على أن هناك ميثاقا يؤطر عملها». وتوقف رئيس الحكومة عند مجموعة من القضايا الآنية، من قبيل «احتجاجات طلبة الطب وطب الأسنان»، كما علق على الجدل الذي أثير بشأن تعويضات أعضاء مجلس المنافسة، وغيرها من الملفات التي تستأثر باهتمام الرأي العام في اللحظة الراهنة. رئيس الحكومة، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والذي كشف في حواره عن اللحظات التي فكر فيها بالانسحاب من الحياة السياسية، تحدث أيضا عن الحوار الداخلي لحزبه، ومخرجاته، وكذا عن رهانات هيئته السياسية بشأن الاستحقاقات الانتخابية المقبل. – وفيما يلي نص الحوار – العثماني .. هادئ يميل إلى التطارح الفكري والنقاش العميق < اذا ما وجد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية نفسه بين موقفين، إلا اختار أيسرهما. رجل الحوار، يفضل الدفع بالتي هي أحسن لتجاوز الصعاب والأزمات التي قد تعترض طريقه. كل من يتعامل مع العثماني عن قرب، يجده شخصا هادئا يميل إلى التطارح الفكري والنقاش العميق، تعلو محياه ابتسامة لا تكاد تفارقه, ابن مدينة انزكان، الذي ولج عالم السياسة منذ أزيد من عشرين سنة، فخبر هذا العالم، وغاص في اعماقه، لكن بلطف وبعيدا عن ضجيج المزايدات والتراشقات الشخصانية. رافق العثماني الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب خلال الفترة الأولى من التحاق حركة التوحيد والإصلاح بحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية. في تلك الفترة، دبر الى جانب الدكتور الخطيب مرحلة التأسيس التي توجت بتغيير اسم الحزب ليصبح حزب العدالة والتنمية. وخلف العثماني الخطيب على الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بين عامي 2004 و2008 قبل أن يعود إليها مجددا في انتخابات المؤتمر الوطني للحزب في 2017 خلفا لعبد الإله بنكيران. <> قدمتم قبل أيام الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، التي وصفتموها بالإيجابية، معنى هذا أنكم راضون عما حققتم من إنجازات؟ <> من منطلق أن عمل البشر بعيد عن الكمال، لا يمكن لأي مسؤول من أي مستوى أن يكون راضيا بشكل تام ومطلق عما يقوم به من عمل، لكن إذا ما تمحصنا الحصيلة التي قدمناها في جلسة عمومية مشتركة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين نجدها تتضمن إنجاز عدد مهم من الإجراءات الواردة في البرنامج الحكومي، سواء ذات الطابع الاجتماعي أو الاقتصادي والمالي أو تلك المرتبطة بالجانب الحقوقي والحكامة ومكافحة الفساد. فخلال السنتين الأوليتين من ولاية الحكومة، حققنا الكثير من الإصلاحات التي ظل جزء منها عالقا لسنوات، والحكومة التي اختارت شعار «الإنصات والإنجاز»، استطاعت إخراجها إلى حيز الوجود، وهذا هو الأهم بالنسبة للحكومة وللأحزاب المشكلة لها، ومسؤوليتنا كانت ولاتزال الوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي التي على أساسها حُزنا على ثقة البرلمان. وبالعودة إلى المؤشرات والأرقام، يتبين بالملموس وبشكل واضح وجلي، تحسن ملحوظ على مستوى مختلف القطاعات، خاصة منها الاقتصادية والاجتماعية، ومع ذلك، فإننا في الحكومة، نريد دائما تحقيق المزيد، لأن المغرب والمغاربة يستحقون الأفضل، ثم لا يمكن لأي حكومة الادعاء أنها قادرة على معالجة جميع الملفات والمشاكل خلال ولاية واحدة، لكننا مع ذلك، عملنا على حل عدد من الملفات العالقة، وواعون أن انتظارات المواطنين أكبر بكثير، وتزداد يوما بعد يوم، ونسعى جاهدين للاستجابة لأقصى ما يمكن منها. <> هل توجد ملفات لا زالت عالقة ستنجزونها خلال الزمن الحكومي المتبقي؟ <> لقد أطلقنا أوراشا تحظى بالأولوية، ونجحنا في ذلك، ومنها على سبيل المثال، البدء في إخراج منظومة متكاملة ومندمجة للحماية الاجتماعية التي وعدنا بها في البرنامج الحكومي وأكد عليها جلالة الملك حفظه لله في خطاب العرش منذ أقل من سنة. وهو الموضوع الذي اشتغلت عليه لجن مختلفة لكونه يهم عددا من القطاعات الوزارية، وشكلنا لجنة وزارية خاصة لتتبع حكامة هذا الورش الاجتماعي الهام، الذي نظمت بشأنه مناظرة وطنية عقدت يوم 12 نونبر 2018 بهدف دراسة واقع البرامج الاجتماعية، التي يصل عددها 139 برنامجا اجتماعيا موجها لشرائح وفئات اجتماعية مختلفة. وكانت المناظرة تروم أيضا الجواب عن إشكالية كيفية تحقيق أقصى ما يمكن من الالتقائية والاندماج بين هذه البرامج، لذلك نعمل على وضع منظومة متكاملة لإخراجها وفق رؤية موحدة. ومن بين الملفات أيضا التي حققنا فيها تقدما، إخراج السجل الاجتماعي الموحد الذي سيمكننا من استهداف أمثل للأفراد والأسر التي تتوفر على أحقية الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، فمثلا لدينا نظام المساعدة الطبية «راميد»، الذي بلغ عدد المستفيدين منه حوالي 8 ملايين شخص، ومع ذلك، لا بد من الاعتراف أنه من الواجب العمل على ضمان جودة أكبر للخدمات المقدمة. ومن جهة أخرى، فإن بعض الإحصائيات تشير إلى أن حوالي 10 في المائة من حاملي «راميد» لا تتوفر فيهم شروط الاستفادة، وبالتالي نعتقد أن نظام السجل الاجتماعي الموحد سيمكننا من تجاوز مثل هذه الأخطاء والثغرات، وسيساهم بشكل فعال في توجيه البرامج الاجتماعية للمستحقين الفعليين. ومن هنا، كان العمل على تطوير التجربة الوطنية بالاستفادة من تجارب دولية واستحضارها، خاصة من أمريكا اللاتينية والهند، لتتم صياغة مشروع قانون يهم منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الذي صادق عليه المجلس الحكومي في يناير الماضي، ومن المنتظر أن تطلق، قبل نهاية السنة الجارية، تجربة نموذجية على مستوى جهة الرباط – سلا- القنيطرة، قبل تعميمها على باقي الجهات. إن تطوير الحماية الاجتماعية يعد محورا أساسيا ومهما بالنسبة للحكومة، ولذلك نعمل على توسيع التغطية الصحية لتشمل فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، إذ صدر قانون بهذا الخصوص بعد 14 سنة من التنصيص عليه ضمن قانون التغطية الصحية، ما يعني أن الحكومة استطاعت في زمن وجيز أن تخرج عددا من الملفات التي طال انتظارها لأزيد من عقد من الزمن. ونتابع حاليا إعداد المراسيم الخاصة بهذا القانون، وسنحتاج لسنتين أو ثلاث سنوات لاستكمال هذا الورش، الذي يتطلب مشاورات مع كل الفئات نظرا لخصوصية كل فئة على حدة ولوضعها المهني، وهذا سيمكن بلدنا، في النهاية، من توسيع التغطية الصحية بنسبة 90 في المائة، وأعتقد أننا سنحقق ثورة فيما يخص التغطية الصحية التي ستستفيد منها الفئات المذكورة، خصوصا المهنيين البالغ عددهم أزيد من 4 ملايين شخص، إضافة إلى ذوي الحقوق من أزواج وأبناء. <> على ذكر التغطية الصحية، ما هو موقفكم من الجدل المثار حول مشروع القانون المتعلق بالتغطية الصحية للوالدين؟ <> إن مشروع القانون القاضي بتغير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، ينص على توسعة التغطية الصحية لتشمل أم أو أب المؤمن بموجب نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات بالقطاع العام أو هما معا، وهو مشروع لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا، لأنه سيشمل أزيد من 100 ألف شخص لا يتوفرون على أي نظام آخر للتغطية الصحية، وهذا جزء من توسيع النظام، وعلى كل حال، فالبرلمان هو الذي يناقش مشروع القانون وإليه ترجع المصادقة، والحكومة السابقة قامت بواجبها، وصادقت على المشروع في يوليوز 2016، وأحالته على المؤسسة التشريعية التي لها مسؤولية إخراجه إلى حيز الوجود. <> لا يخلو أي عمل من إكراهات وتحديات، هل لكم أن تحدثونا عن المشاكل التي واجهتكم؟ <> بما أن العمل الحكومي عمل ديناميكي، فمن الطبيعي أن تكون هناك إكراهات ومشاكل، كما أنه عند اعتماد أي إصلاح، نجد فئات تطالب به، وأخرى تتخوف منه أو ترفضه، ما يقتضي البحث عن نقط الالتقاء بين مختلف المتدخلين والشركاء عن طريق الحوار والتشاور أو التحكيم وتقريب وجهات النظر، غير أن هذه العملية تكون أحيانا معقدة. وهناك من يعتقد أن بعض الإصلاحات تضر بمصالح فئات معينة، لذلك تحدث المقاومة، ويصبح الرهان هو كيفية التخفيف من حدة هذه المقاومة أو مواجهتها، وهذه تعد أكبر عقبة تواجه أي رئيس حكومة في العالم. <> هل يمكنكم أن تكشفوا لنا عدد المرات التي قمتم فيها بالتحكيم، وما هي نوعية الملفات التي تطلبت تدخلكم؟ <> من موقعي كرئيس للحكومة، تدخلت في ملفات عديدة، والتحكيم لا يعني بالضرورة وجود خلافات، إلا أن جميع القوانين الأساسية التي أصدرناها كان بها تحكيم، من قبيل المرسوم بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، الذي دعا جلالة الملك حفظه لله، إلى إخراجه منذ أزيد من 15 سنة. وخلال إعدادنا لهذا الميثاق، برزت آراء مختلفة لعدد من القطاعات الوزارية وتطلب ذلك تقريب وجهات نظر، ويمكن القول إن الإدارة تميل إلى التمركز، وترى أن التفويض يكون صعبا ويحتاج إلى بيداغوجية معينة، وفي النهاية، توصلنا إلى توافق، وحاليا، فمختلف القطاعات منخرطة في هذا الورش الإصلاحي الهيكلي، لأن التطبيق حتما سيعرف صعوبات شبيهة بتلك التي اعترضت إخراجه. حاليا نحن بصدد وضع المخططات المديرية للاتمركز، يتم من خلالها توضيح صلاحيات كل قطاع على حدة، وأيضا الصلاحيات التي يمكن تفويتها أو تفويضها وتلك التي سيحتفظ بها. وبعد حوالي شهرين بإذن لله، سنتوفر على خريطة واضحة، لنمر إلى بداية التنزيل على أرض الواقع، فالأمر يرتبط بالموارد المالية والبشرية، لا سيما أن هناك صلاحيات تحتاج إلى خبرات وإلى تكوين خاص، وهو ما سنحرص على توفيره تفاديا للإضرار بمصالح المواطنات والمواطنين، وتفاديا لأي ارتباك محتمل. <> تحدثتم في عدد من اللقاءات الحزبية، وحتى خلال عرضكم للحصيلة المرحلية عن انسجام الأغلبية الحكومية، لكن في المقابل، تطفو بين الفينة والأخرى بعض التصريحات التي تكون حادة أحيانا، مثل التصريحات النارية للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله أمام أعضاء اللجنة المركزية لحزبه في ماي الماضي؟ <> بصفتي رئيسا للحكومة أحرص على أن يشتغل الفريق الحكومي بدرجة مقبولة إلى جيدة من الانسجام، إذ أن الملفات التي تحتاج إلى تنسيق وتحكيم نسير فيها بطريقة معقولة، وهو ما مكّن من تحقيق عدد من الإنجازات المقدرة. مثلا نجد أن إخراج ميثاق اللاتمركز تأخر حوالي 15 سنة، وكما قلت آنفا، استطاعت الحكومة تجاوز العقبات وعملت على إخراجه، وكذلك الشأن بالنسبة للقوانين المرتبطة بالأراضي السلالية التي ظلت تنتظر حوالي قرن من الزمن، والتي نجحنا في إخراجها، إضافة إلى القانون الخاص بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وغيرها من الأوراش المهمة، فكيف يمكن أن نقوم بكل هذا لولا وجود حد معقول من التنسيق والتفاهم الحكومي، ولا يمكن أيضا على سبيل المثال توقيع اتفاق اجتماعي ثلاثي الأطراف، يمتد على ثلاث سنوات مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين لولا وجود فريق عمل حكومي منسجم. أظن أن الجميع يعمل إلى حد كبير لإنجاح العمل الحكومي، وإلا كيف استطعنا إخراج 150 مشروع قانون سواء عبر المصادقة في مجلس حكومي أو تلك التي اعتمدت بمجلس وزاري. أما فيما يتعلق بالأغلبية الحكومية، فنحن جميعا ملزمون باحترام مضامين ميثاق الأغلبية، لكن هذا لا يعني عدم وجود تباينات، أو أننا استطعنا تسوية جميع النقاط الخلافية، فهذا لا يمكن، لأن حكومتنا تتكون من ستة أحزاب سياسية، ولديها برامج ومرجعيات فكرية متنوعة، لا يمكنها أن تتحول إلى حزب واحد أو أن نفرض على أعضائها التحدث بلسان واحد، هذا غير مطلوب، بل لا يوجد في أي أغلبية حكومية في العالم. فأن يقع خلاف داخل الأغلبية الحكومية شيء صحي وأمر مطلوب في الساحة السياسية، لأننا لا نريد من أي سياسي أو وزير أن يعبر عن رأي ليس رأيه، أو أن يكون «ببغاء» إرضاء للآخرين، لكن بالمقابل ينبغي الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأغلبية عند التعبير عن الآراء. إن الأغلبية تسير عموما بطريقة إيجابية والخلافات بينها موجودة، لكن دون أن تفسد للود قضية، وإلى حد الآن، يظهر أن الأغلبية الحكومية الحالية من أكثر الأغلبيات الحكومية انسجاما منذ 20 سنة، وقد قلت هذا غير ما مرة، واليوم أؤكد عليه. <> لكن هناك مشروع قانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، الذي يعد من مظاهر هذا الاختلاف إن لم نقل الخلاف. هل لديكم تصور للخروج من هذا الوضع لاسيما أنه مرتبط بورش كبير؟ . <> أولا، ليس هذا القانون الأول أو الوحيد الذي تأخر البرلمان في إخراجه، فهناك قوانين جوهرية تأخرت المصادقة عليها بالبرلمان بمجلسيه، ومنها ما تجاوز مداه الزمني ثلاث سنوات. ونحن كحكومة نتمنى الإسراع بإخراج هذه القوانين، علما أن هذا عمل يهم المؤسسة التشريعية، وطبيعة النقاش حولها بين الفرق والمجموعات النيابية قد يفرض التأخير، وبالنسبة لسؤالك، أعتقد أن الخلاف يرتبط بنقطة واحدة، لذلك لا يجب تضخيم الأمر. إذ ينطلق الإصلاح الجوهري للتعليم من الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030، وعلى أية حال، فإن عددا من البرامج الطموحة التي تضمنتها الرؤية يتم حاليا تنزيلها وسيكون لها الأثر الإيجابي على أرض الواقع، ونأمل أن يخرج هذا القانون في أقرب وقت ممكن. <> بسبب تباين المواقف بين مكونات الأغلبية، ظلت قوانين تنظيمية معلقة، مثل القانون التنظيمي للإضراب، ما ردكم على ذلك؟ <> بالنسبة للقانون التنظيمي للإضراب، أؤكد أن له وضعا خاصا، لقد اتفقنا مع المركزيات النقابية أن يتم التشاور حوله، وتنطلق بعد ذلك مسطرة المناقشة بمجلس النواب. <> الإضرابات الأخيرة للأساتذة المتعاقدين، أو من تسميهم الحكومة الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية، ألا ترون أن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في مسألة التوظيف بالتعاقد؟ <> يجب التذكير أولا، أن الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين 2015ـ2030 نصت على تنويع طرق التشغيل العمومي، وعلى اعتماد التعاقد كآلية إضافية، توافق حولها أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والذين ينتمون لمختلف المكونات من أحزاب سياسية وبرلمان ونقابات وصوتوا عليها بالإجماع، لذلك نحن أمام توافق سابق، والحكومة عملت على تطويره بإخراج أنظمة أساسية لأطر الأكاديميات وتعديلها والمصادقة عليها من جديد. إن هدف اللجوء إلى التعاقد على مستوى الأكاديميات يأتي استجابة لحاجة ماسة للتشغيل الجهوي لتحقيق العدالة المجالية في عدد من المناطق، وسينطبق الأمر على قطاعات أخرى مستقبلا، لأنه بدون تشغيل جهوي لا يمكن الاستجابة لحاجيات المواطنين والمواطنات في الأماكن النائية والبعيدة، كما لا يمكن ضمان توفير الخدمات الاجتماعية الضرورية لهم. <> تصاعد التوتر بين طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان والحكومة، واستمراره ينذر بسنة بيضاء، كيف السبيل لتجاوز هذا الخلاف؟ <> تتابع كل من وزارتي الصحة، والتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الأمر عن كثب، وعبرنا مرات عديدة على أن منهجية الحكومة هي الحوار والإنصات وبذل كل الجهد لحل الإشكالات العالقة في حدود الممكن، ونتمنى أن يحل الملف في القريب العاجل. إن هؤلاء الطلبة أبناؤنا، ومستقبل بلدنا، ومستقبل منظومته الصحية، فنحن حريصون على مصلحتهم وعلى تكوينهم في ظروف جيدة. ومن موقع مسؤوليتي أؤكد أن الحكومة ملتزمة باحترام مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة والأطباء المغاربة دون أي تمييز، ولن نسمح لأنفسنا بأن يقع أي حيف في حق أطباء المستقبل، كما أننا مستعدون للتجاوب مع المطالب المشروعة والمعقولة، ونأمل أن يكون التجاوب متبادلا بين الجانبين. ولي اليقين أننا سنتجاوز هذه المرحلة بنضج الجميع، وخصوصا باستحضار مصلحة أبنائنا. <> أصدرتم مرسوما يهم تعويضات مجلس المنافسة، إلا أن هذه التعويضات أثارت جدلا، واعتبرت من لدن العديد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» بأنها ضخمة، ما تعليقكم؟ <> جميع المجالس الدستورية تعتمد تقريبا التعويضات نفسها، ومجلس المنافسة، مجلس دستوري، حددت تعويضاته استنادا لتعويضات مؤسسات مماثلة، وبالتالي فما سيتقاضاه أعضاؤه لا يختلف كثيرا عما يحصل عليه أعضاء هيئات دستورية مشابهة. وأريد أن أشير إلى أن المبالغ الواردة في المرسوم هي مبالغ خامة، وليست صافية، فيجب أن يخصم منها الضريبة على الدخل وهي حوالي 30 بالمائة من التعويض، ومبلغ الاشتراك في التغطية الصحية الإجبارية وفي صندوق التقاعد. مع الأسف، تكلم كثيرون في الموضوع دون الإلمام بتفاصيله، فأساؤوا إلى أنفسهم وغلطوا المواطنين. <> تحدثتم في لقاء خاص ببعض الصحف، وبينها «رسالة الأمة» أنه يصعب تفعيل إجراء تسقيف المحروقات، وكشفتم في مقابل ذلك عن قرب الانتهاء من صياغة دراسة حول هذا الملف، على ماذا بنيتم حديثكم، والدراسة ماتزال طور الإعداد؟ <> منذ أن صدر الرأي الاستشاري لمجلس المنافسة، والذي ذهب إلى أن تسقيف أسعار المحروقات وهوامش الربح غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية والتنافسية، ونحن ندرس أوفق السبل للوصول إلى الهدف المتمثل في دعم القدرة الشرائية للمواطنين والمهنيين. وهذا يستلزم إجراءات مصاحبة للتسقيف. وقد قامت الوزارة المكلفة بالطاقة بإجراءات لدعم التنافسية في القطاع، ونعمل على تهييء إجراءات أخرى تسير في نفس الاتجاه. <> صوت البرلمان قبل أيام قليلة فقط على مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية، الذي عرف تأخرا كبيرا، ما تعليقكم؟ <> بالنسبة للقانون التنظيمي للأمازيعية، الحمد لله تمت المصادقة عليه بعد اتفاق بين الفرق والمجموعة النيابية ورئيس مجلس النواب. لقد كنت على يقين أن المؤسسة التشريعية ستبذل مجهودا لإخراج هذا القانون التنظيمي الذي طال انتظاره، علما أنني قبل ذلك، حرصت شخصيا على اتخاذ مجموعة من الخطوات العملية في انتظار صدور القانونيين التنظيميين المتعلقين بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وبالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، لذلك أصدرنا المنشور الخاص باستعمال اللغتين العربية والأمازيغية في الإدارات العمومية، ومنشور تدريس اللغة الأمازيغية في عدد من المعاهد الجامعية العليا. <> كأمين عام لحزب العدالة والتنمية، نود معرفة مآل مخرجات الحوار الداخلي؟ <> نسعى من وراء الحوار الداخلي أن نصوغ قراءة جماعية للمرحلة الحالية على المستوى الفكري والمنهجي والتنظيمي والسياسي والتربوي، دون أن نمس بالتوجهات الكبرى للحزب المقررة في ورقته المذهبية، ومن ثم صياغة خلاصات وأفكار متفق عليها يقوم الحزب ذاته بها ويدقق منهجه الإصلاحي وخطه السياسي. وهدفنا الأكبر، هو كيف يجدد الحزب نفسه وتكون مساهمته، ودوره نوعيا وإيجابيا في تطوير الحياة السياسية ببلادنا، والدفع بالإصلاح السياسي والمؤسساتي والتقدم في الانتقال الديمقراطي إلى مستوى أفضل. والحوار الداخلي فرصة مهمة لتبادل الأفكار ومراجعتها بكل حرية ومسؤولية، وتقييم وتقويم الذات ونقد أو نقض ما يحتاج للنقد والنقض، والتفاعل مع الوضع السياسي الجديد، والعمل على ضخ شحنة فعالية وحماس في الحزب ليقوم بالدور المطلوب منه سياسيا في تأطير المواطنين ويكون قوة اقتراحية متميزة. وبالمناسبة، ليست هذه أول مرة يقوم فيها حزبنا بحوار وطني داخلي، فقد سبق وفعل ذلك عام 2008، وأنتج أطروحة النضال الديمقراطي، وأعتقد أن مخرجات الحوار الحالي الذي يمر في أجواء راقية ومسؤولة ستعطي للحزب دفعة قوية للعمل بحماس وجد ووطنية بعدما تجاوز تداعيات مرحلة «البلوكاج» واستعاد عافيته التنظيمية. <> هناك من يقول إن الحزب يعيش وضعا داخليا سيؤدي لتراجع شعبيته، ما ردكم؟ <> حزب العدالة والتنمية يعيش وضعا عاديا، وكما قلت لك استعاد على العموم عافيته التنظيمية، وقد أحبطت مخرجات المجلس الوطني الاستثنائي للحزب آمال من كانوا يراهنون على تصدع العدالة والتنمية أو انقسامه أو ارتباكه. ورغم المطرقة الإعلامية التي يعيش تحتها بسبب أو بغير سبب، واستهدافه بالكذب والافتراء أو بتضخيم بعض الأخطاء الفردية تتعلق بالحياة الشخصية لهذا العضو أو ذاك وليس بالشأن العام، فإن ذلك لم يؤثر على شعبيته. ومن جهتنا، نأمل أن تتقوى الأحزاب السياسية الحقيقية، وتكون لها استقلالية في قراراتها، لأنها ترقى بالعمل السياسي وتصالح المواطنين مع السياسة. وبالتالي، تخدم المصلحة الوطنية أكثر، ورهاننا خدمة الصالح العام والمواطنين وهم أصحاب الكلمة وليس على ضعف هذا الحزب أو ذاك. <> هل تراهنون على كسب الانتخابات المقبلة؟ ج- قلتها مرارا وتكرارا، هاجسنا في الحكومة أن ننفذ البرنامج الحكومي ونوفي بالتزاماتنا، وأن نوفي في الجماعات المحلية بعهدنا ونقوم بواجبنا، ولا نحمل همّ الانتخابات التي تفصلنا عنها سنتان وأكثر، إن ما يهمنا هو أن نتحمل مسؤوليتنا، ونقوم بواجبنا بقدر ما نستطيع وعلى أحسن وجه، وبعد ذلك الكلمة للمواطنين في الصناديق، وهذه هي الديمقراطية. <> كنتم قد فكرتم في الانسحاب من الحياة السياسية، هل ما زال لديكم نفس الرأي؟ <> أنا الآن، كما تعلمون في غمار العمل السياسي وأتحمل مسؤولية رئيس الحكومة، وأبذل كل جهدي وطاقتي للوفاء، إلى جانب الفريق الحكومي، وتحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره لله، بالبرنامج الحكومي واستكمال الأوراش الإصلاحية المهيكلة التي وعدنا بها وننكب على تنزيلها على أرض الواقع لما فيها من مصلحة للمواطنات والمواطنين. <> لكن سبق لكم أن لوّحتم باعتزال العمل السياسي؟ <> ارتبط ذلك بسياق معين وبالتحديد بعد مغادرتي لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون. كنت أمام انشغالات مهنية وملفات علمية، لكن الأقدار شاءت أن أعود للسياسية عبر منصب رئيس الحكومة، وعلى أي حال أنا جندي في الوطن، حيث ما كنت اشتغل لخدمته وحيثما كنت سأعمل لصالحه، ولديّ ثقة كبيرة في وطني وفي جلالة الملك نصره لله وفي الشعب المغربي. والمهم أن بلدنا يمضي بنجاح رغم الصعوبات الدولية والإقليمية والجهوية المرتبطة بالتطورات الاقتصادية والسياسية والأمنية، والحمد لله بلادنا صامدة، والمطلوب من كل مغربي، على اختلاف انتمائه وتوجهه، أن يساهم في تقوية مناعة وطنه ضد كل التأثيرات الخارجية السلبية. <> ما الذي تغير في سعد الدين العثماني لما أصبح رئيسا للحكومة؟ <> لقد أوقفت الانشغالات العلمية والمهنية وتركتها جانبا، وتفرغت لتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام الحكومي. <> كلمة أخيرة <> أود بالمناسبة توجيه التحية لجميع الفرق البرلمانية، أغلبية ومعارضة، ولو أنه حدث كلام قاس خلال مناقشة الحصيلة بالبرلمان، لكن أظن أن هذا جزء من النقاش السياسي. كما أشكر جميع المؤسسات وكذا المجتمع المدني، الذي يعتبر قوة كبيرة تقوم بعمل متميز، وأنا أحرص على الاستجابة لدعوات عدد من الهيئات المدنية، إلا إذا تعذر علي ذلك بسبب المواعيد الرسمية.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock