محمد الدرويش يدعو الحكومة إلى تبني سياسة لغوية تحترم المقتضيات الدستورية و وتواكب التطورات العالمية في مجالات التلقين و التعلم

تنظم كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومؤسسة فكر للتنمية والثقافة، ندوة دولية في موضوع” اللسانيات و التنمية مساهمات في تطوير المجال و المجتمع “، انطلقت الثلاثاء وتستمر إلى 23 من يونيو الجاري، ويشارك في أشغال الندوة أساتذة باحثون من دول عربية متعددة ، ويحضرها أيضا وزراء و مسؤولون وأساتذة و طلاب باحثون، وذاك في إطار فعاليات الاحتفاء بالرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي.
وفي كلمة له بالمناسبة قال محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم:إن اللغات تعد رافعة من رافعات التنمية بكل أنواعها و مستوياتها لأنها أحد مفاتيح نجاحها أو فشلها لأنها مرآة للمجتمع و ثقافاته المتعددة في زمن انكسرت فيه الحدود مضيفا أن الكل ينطلق من التراث النحوي العربي من خلال قراءات نقدية أو وصفية أو تحليلية قصد بناء تصور جديد لقضية من القضايا… ثم ينتهي البناء بطرح نظري.
وأبرز الدرويش، أن عمليات التعلم و التعليم مسؤولية الجميع يتداخل فيها التربوي و النفسي و الاجتماعي و الديداكتيكي و من المؤكد أن اللساني و النحوي دورا أساسا في مجموع المراحل وفي هذا السياق وجه الدرويش نداء للحكومة المغربية من أجل تبني سياسة لغوية تحترم المقتضيات الدستورية و تستحضر التطورات العالمية في مجالات التلقين و التعلم و التكنولوجيا المعاصرة.
ووجه كذلك دعوة لمعشر اللسانيين المغاربة خصوصا و العرب عموما لتبسيط القواعد اللغوية و عمليات تلقين الدرس النحوي في كل المراحل التعليمية بهدف تحديث النحو والتخفيف من حمولته فالزمن زمن المجهود الأقل في كل شيء و لا بد أن تتأقلم مجتمعاتنا مع هاته الأوضاع دون أن يعني ذلك التنكر لتاريخ امتنا و عطاءات علمائنا عبر التاريخ ، و بذلك نكون أمام قضايا النظر في النحو المتعدد، والمتن المتعدد ، واللسانيات المتعددة.
وأكد الدرويش خلال هذه المناسبة على ضرورة التفكير و تحصين و تنمية التعاون مع هيئات وطنية وجهوية وإقليمية بغاية تنويع المقاربات وتبادلها وتوسيع مجال إدراكها موضحا، ولأنه الجامعة موطن لإنتاج الأفكار وتجديدها وتحديثها ، فهي في الوقت ذاته ، بحاجة إلى خبرات المعنيين بالأمر من مختلف القطاعات والمواقع سعيا إلى الإحاطة بالمشاكل و إيجاد الحلول المناسبة لها. فمنظومة التربية و التكوين و المجالات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية ، مجالات تدخل في صلب اهتمام الأكاديميين ، و بخلق الجسور مع الفاعلين فيها و تبادل المعطيات و الآراء يمكن إيجاد الحلول المناسبة لكل قضية من قضاياها .
وأشار المتحدث نفسه إلى أنه نتطلع إلى مقاربة جديدة نناقش فيها القضايا المطروحة من منظور جديد ؛ بين تخصصي ومنفتح على فعاليات مختلفة ، في زمن صارت فيه اللغة محورية واستراتيجية في الممارسات المختلفة للإنسان وفي وقت صارت فيه اللغة العربية مطالبة بتحرير نفسها مما يعرقل تعليمها وتعلمها.
وسجل الدرويش ضعفا في عمليات التلقي و التلقين لقواعد النحو العربي من خلال المناهج التعليمية المعتمدة و صعوبات ذلك قائلا: لا بد كذلك من إثارة الانتباه إلى التصنيف الذي لا نرضاه لمجموعة من جامعاتنا في الدول العربية و الإسلامية و الإفريقية إضافة إلى المناهج و البرامج المعتمدة و بيداغوجية التدريس و التواصل في مؤسساتنا التربوية، الشيء الذي ينجم عنه تعثر في التواصل بين خريجي المدارس و الجامعات.
وعليه، فإن المغزى من تنظيم هذا اللقاء الدولي الهام هو مناقشة و دراسة الدرس اللغوي والنظر في إمكان تجديده و تطوير بيداغوجية تلقينه بهدف تقوية التواصل و التمكن من اللغات و إنشاء جسور بين الأكاديمي و السياسي و الفاعل الترابي و غيره .
وخلص الدرويش في الأخير إلى تسليط الضوء على نقطة بارزة مفادها أن مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم تسعى من موقعها إلى بلورة علاقة متميزة مع جمعية جهات المغرب ؛ و بين مؤسسات المجتمع المدني و الجماعات المنتخبة و بينها و بين الفعاليات الجامعية لخدمة المجتمع و المساهمة في المشروع التنموي الذي يستهدف العنصر البشري على المدى القريب و المتوسط و البعيد حتى يتمكن من حياة كريمة و بعدالة اجتماعية بمنطق يشمل كافة القطاعات و المجالات في تفاعل تام مع المتغيرات الداخلية و الخارجية و الذي تعد اللغات مفتاحا من مفاتيحه الأساس .