آخر أخبارحديث الأربعاء

كورونا وأوكرانيا تمددان في عمر العصابة

تخطت رائحة عفن نظام العصابة الحاكمة في الجزائر المنطقة المغاربية، وفاحت في أرجاء العالم، وصارت التقارير الدولية وتوصيات الخبراء حول الأوضاع السياسية والحقوقية والمالية والاقتصادية والاجتماعية في دولة العصابة مزكومة بالعطن والعفن، إلى درجة أن كبريات الصحف في العالم سواء في أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو إسبانيا، لم تخطئ في مقالاتها التحليلية وصف الحالة الكارثية التي أوصلت إليها العصابة بلدا بات قطعة من الجحيم يستحيل العيش فيه، يفر منه الشباب والنخب والمستثمرون وأصحاب الرأي، وتعزله العصابة يوما بعد يوم عن محيطيه الإقليمي والدولي، وتضرب الحصار على كل مبادرة في اتجاه إنقاذ ما تبقى من مصداقية وموثوقية للدولة الجزائرية.

فبعد صحيفة “النيويورك تايمز” الأمريكية و”لوموند” الفرنسية، ها هي إحدى أعرق وأشهر المجلات البريطانية والأوسع انتشارا “ذي إيكونوميست” في عددها الأخير، تضع النقط على الحروف، وتصف بالفعل ما بلغه نظام العصابة من تحلل، وما أوصل إليه دواليب الحكم والتدبير من شلل تام، في تقرير ناري بعنوان “الجزائر: نظام متعفن ينقذه الغاز مؤقتا” لخصت الصحيفة البريطانية كل أعطاب السياستين الداخلية والخارجية للعصابة، معتبرة أنها نجت من السقوط المدوي خلال العامين الأخيرين بسبب حدثين بارزين أطالا عمرها إلى حين، رغم أن العفن والعطن والفساد استشرى في كل أركانها، الحدث الأول هو وباء “كورونا” الذي نزل كالصاعقة على الحراك الشعبي الجزائري، وكان قاب قوسين أو أدنى من استكمال تحقيق مطالبه الجوهرية في تنحية جميع رموز العصابة الفاسدة التي تضمنتها شعارات الحراك من مثل: “يتنحاو كاع”، “مدنية ماشي عسكرية”… وكان الرفض الشعبي المطلق لإعادة سيناريو الالتفاف على هذه المطالب متزايدا، وهو السيناريو الجاهز الذي كان يطبخ في المؤسسة العسكرية الجاثمة على حاضر ومستقبل الجزائر، لولا أن العالم شهد تفشي وباء “كورونا”، وتم تشديد الإجراءات الاحترازية في كل ربوع المعمور، وأغلقت الأجواء والميادين العامة وأرغم الناس على لزوم بيوتهم، حيث استفادت العصابة من هذا الوضع لإدخال الحراك الشعبي إلى المعازل وغرف النوم، في انتظار طبخ مؤامرات، حبكتها العصابة بمكر وخديعة كبرى، تمثل أبرزها في اختلاق بعبع مخيف هو العدو الداخلي المشخص في الحركات الاحتجاجية نفسها، وفي زعامات التنظيمات السياسية المعارضة، التي شيطنتها العصابة واتهمتها بالعمالة والخيانة والإرهاب، واختلقت مسرحيات حرق الغابات وقتل جزائريين، بهدف إعادة فتح جرح العشرية السوداء من جديد، والتهديد بتكرار سيناريوهاتها المرعبة. أما بعبع العدو الخارجي المتربص فلم تعدمه العصابة، إذ أعادت تنشيط صورة العدو الكلاسيكي المتمثل في الجار الغربي الذي هو المغرب، وعملت على حبك مؤامرات ودسائس استهدفت تصوير المغرب في أعين الجزائريين كمهدد لثورتهم وثرواتهم وأمنهم واستقرارهم، مما يعطي العصابة شرعية في قمع كل الحركات التحررية الوطنية الجزائرية، باسم عمالتها لهذا العدو، وباسم أن البلاد في حالة حرب ومواجهة لمؤامرات تستهدف الوجود الجزائري وشعب الجزائر.

هذا عن المنقذ الأول للعصابة من حمأة الحراك وشراسته، وقد أتى أكله في تعطيل المطالب وفي ملء السجون وترهيب المناضلين الحقوقيين، وتقسيم الشعب الجزائري، وتخوين بعضه لبعض، وكسر لحمة التضامن ضد العصابة وأزلامها وأبواقها الإعلامية والدعائية.

أما عن المنقذ الثاني فكان مباشرة بعد التعافي من وباء “كورونا”، وهو التعافي الذي فتح العيون على حجم التراجع في الحريات، والشلل في الاقتصاد، والندرة في السلع والبضائع، وتفشي البطالة، واتساع أرقام الهروب والهجرة السرية من دولة العصابة التي عجزت عن مواكبة تحولات الوضعية الوبائية وما بعدها، ويتمثل هذا المنقذ الظرفي في اندلاع حرب أوكرانيا، وتداعياتها على أسواق الغاز والبترول، حيث صعد نجم العصابة بفضل مداخيل الغاز، وبفضل الصفقات التي أسالت لعاب العديد من الدول لعقدها مع نظام العصابة، حيث تم التلويح بورقة الغاز أمام كثير من الدول التي ابتزتها العصابة سواء بشراء مواقفها، أو بإظهار مساندتها ودعمها لها، أو بتسليم معارضين، أو بالصمت عن جرائم العسكر ومخططاتهم ضد الشعب الجزائري خاصة، كما تم التلويح بمداخيل الغاز لشراء السلم الاجتماعي، والوعد بمنح للبطالة، ومنح أخرى لهذا الطرف أو ذاك. وفي هذا السياق لعبت ورقة الغاز الطارئة دورا كبيرا في تنفيس كربة العصابة، وفي تلقيح جثثها المتعفنة بمزيد من عقار التحنيط إلى حين، وطلاء واجهتها ووجهها بمراهم وأصباغ لإخفاء الأوساخ والأعطان التي تعلوها، في انتظار أن يقول التاريخ كلمته النهائية في مصيرها ومصير الخراب الذي خلفته في دولة لا تزال تراوح مكانها في العصر القديم.

تشير الصحيفة البريطانية إلى أن صمود العصابة التي سمتها بـ”النظام المتعفن” بفضل هذه المقويات والمسكنات القدرية، أمام حراك هادر كالبركان، هو مسألة وقت فقط، لأن الشعب المقهور الذي دعم الحراك، وشكل عصبه وعموده، ظل هو نفسه الشعب الدائم الحرمان، والذي لم يختف؛ شبابه محبط وخائف من المجهول، يعيش ما أسمته الصحيفة بلسان الشعب: “الحقرة” ويحلم بـ”الحرقة”، أي الهجرة السرية إلى بلاد الغرب ليحقق أحلامه في العيش في كنف دولة مدنية تضمن له حقوقه في الحياة الآمنة والكريمة.

لقد بخر ذهاب وباء “كورونا” جزءا من رهان العصابة على البقاء وإسكات أصوات الحراك، وبقي أن تتبخر أموال الغاز التي تبددها العصابة ذات اليمين وذات الشمال في الاستقواء على الشعب وعلى الجيران، وفي شراء الذمم وأسلحة القمع والإرهاب والحرب وآلات الدعاية وألسنة الكذب والتزوير، لكي ينقطع آخر أنبوب اصطناعي نابض في الجثة المتعفنة لنظام العصابة التي تداعت عليها التقارير الطبية الدولية لمواراتها التراب. تختم الصحيفة البريطانية توقعاتها التي استندت فيها إلى تقارير وأرقام أنه: “في حال ما إذا انخفضت أسعار الغاز والبترول انخفاضا حادا، فإنه من الصعب أن نتوقع لهذا النظام المتجاوز والمتعفن البقاء على قيد الحياة”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock