رغم التساقطات المطرية التي عرفتها المملكة في الآونة الأخيرة، إلا أنها غير كافية لسد العجز المائي الذي يعرفه المغرب منذ عدة سنوات، و الراجع أساسا لتأثير تغير المناخ على ارتفاع درجة حرارة الأرض، مما ينبئ على أننا نواجه صدمة مناخية عالمية يجب التكيف معها ومواجهتها، وهذا ما تروم له الحكومة المغربية منذ عدة سنوات، فقد ضاعفت جهودها لمواجهة هذا المشكل من خلال تنفيذ عدة مشاريع لتأمين الوصول للمياه العذبة في ظل الأزمة المائية التي يعاني منها المغرب وعدة دول أخرى.
في هذا الحوار سيوضح لنا محمد سنان خبير في ميدان هندسة المياه و التغيرات المناخية عضو في أكاديمية الماء بفرنسا، أسباب إعتماد الدولة على تقليص صبيب المياه…..
نلاحظ أن أغلب المدن المغربية اعتمدت تقليص صبيب المياه أو قطعه ليلا هل هذا الحل ناجع في نظرك؟.
إن تقليص صبيب المياه أو قطعه ليلا، ساهم في توفير نسبة مهمة من المياه الصالحة للشرب، والتي تبذر بالقنوات التي تحتوي على تسربات أو تبذر بالمراحيض التي لا تعمل بشكل جيد، وهذه العملية لها جدوى أكبر حين يكون مخزون المياه في السدود أو في الفرشات المائية ضعيف جدا، ولا يكفي لتلبية حاجيات المواطنين من الماء الصالح للشرب، ولهذا الاقتصاد في المياه الصالحة للشرب يعد نتيجة إيجابية ستلبي حاجيات المواطنين.
ما الحلول المبتكرة التي يمكن تفعيلها لمواجهة الإجهاد المائي؟.
إن الواردات المائية الطبيعية التي سجلت في السنوات الماضية الأخيرة جد ضئيلة بالنسبة لمتوسط الواردات المائية بالمغرب، والتي تقدر بحوالي 20 مليار متر مكعب في السنة، وتعتبر ضئيلة جدا مقارنة بالعدد المتوسط، وهذه الموارد المائية الضعيفة لا تكفي لتلبية حاجيات المملكة في المياه التي تقدر بحوالي 16 مليار مكعب في السنة، في حين يقدر مخزون المياه حاليا بحقينة السدود بـ 4.28 مليار متر مكعب أي ما يعادل نسبة المياه المتوسط على صعيد الوطني بـ 26.56 بالمئة من الطاقة الاستيعابية الإجمالية للسدود، وحوالي 25 بالمئة من حاجيات المملكة للمياه سنويا.
لذلك عملت الدولة منذ بضع سنوات على تعبئة بعض الموارد المائية غير التقليدية، من قبيل تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة، ونقل المياه من الأحواض الفائضة إلى الأحواض ذات العجز المائي مثل “حوض سبو وابي رقراق”…. ويمكن كذلك تقوية عملية جمع مياه الأمطار بكل من العالم القروي والحضري.
إلى جانب تخزين المياه الفائضة خلال السنوات التي تشهد أمطارا غزيرة، وأيضا التطعيم الاصطناعي للفرشاة المائية، الذي يحافظ على المياه التي تتبخر بحقينة السدود، كما تمكن هذه العملية من رفع مستوى الفرشاة المائية، ليستفيد منها المواطنون في العالم القروي لتلبية حاجياتهم الفلاحية وأيضا المنزلية من الماء، وأيضا رفع صبيب العيون والأنهار والبحيرات التي تطعم طبيعيا من الفرشاة المائية.
هل التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة في الآونة الأخيرة يمكن أن تساعد في ملء السدود؟.
إن التساقطات المطرية المسجلة في الآونة الأخيرة كانت لها آثار جد إيجابية على جميع المستويات، خاصة على مستوى تقوية مخزون المياه في السدود، بحيث ارتفعت نسبة المياه من حوالي 23 بالمئة إلى 25.5 بالمئة حاليا، ومن المنتظر أن تتضاعف هذه النسبة بعد ذوبان الثلوج في الأسابيع القادمة، أي بزيادة 3.5 بالمئة، كما انتعشت الفلاحة بالعالم القروي وارتفع صبيب العيون والوديان…
مردفا أن العجز المائي الهائل المسجل على مدى عدة سنوات متتالية، يمكن تداركه في حال تواصلت التساقطات المطرية لفترة زمنية طويلة.
هل تحلية المياه سيكون المخلص الوحيد للمغرب من أزمته المائية؟.
تعد عملية تحلية مياه البحر حلا ضروريا لتلبية حاجيات المواطنين من المياه الصالحة للشرب، رغم كلفة تصفية مياه البحر من الملوحة، والحمد لله فقد أنعم الله على المغرب بـ 3500 كلمتر من الساحل على المحيط الأطلسي، والبحر الأبيض المتوسط.
علاوة على ذلك يحتوي المغرب على 15 محطة لتحلية مياه البحر التي تنجز 192 مليون مكعب بالسنة من الماء العذب، وتوجد 16 محطة أخرى مخططة في الأفق لسنة 2030، والتي ستمكن من توفير كمية إجمالية تقدر بـ 1،4 مليار متر مكعب بالسنة، وهذا العدد يقارب 80 بالمئة من حاجيات المملكة الحالية من الماء الشروب، وهو عدد مهم بحيث أن هذه المحطات ستجعل المغرب مطمئن على تلبية حاجيات المواطن من المياه الصالحة للشرب.