آخر أخبارمجتمع

غانمي: تعزيز المناصفة في الانتخابات التشريعية خطوة نحو تمكين المرأة المغربية

على الرغم من التقدم الذي أحرزته النساء في الساحة السياسية المغربية خلال العقدين الأخيرين، فإن الطريق لا يزال طويلا لتحقيق المساواة الفعلية بين الرجال والنساء في مناصب القرار السياسية. وفي هذا السياق، يطرح السؤال: كيف يمكن تعزيز سبل تواجد المرأة في الحياة السياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية؟

وفي هذا الصدد صرحت د.إيمان غانمي فاعلة سياسية وحقوقية ومدنية في تصريح لـ’رسالة 24′ قائلة: في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تتجدد الدعوة إلى ضرورة التفعيل العاجل والفعلي لمبدأ المناصفة، باعتباره أحد الأعمدة الجوهرية التي يقوم عليها البناء الديمقراطي، وركيزة دستورية لا مجال للتراجع عنها أو الالتفاف عليها. إن تعزيز المشاركة السياسية للمرأة لم يعد فقط مطلبًا حقوقيًا أو إنسانيًا، بل أصبح ضرورة وطنية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان التوازن المؤسساتي، ورفع جودة القرار العمومي.

وتستطرد أنه بالرغم التنصيص الصريح على المناصفة في دستور 2011، و التأكيد على هذا المبدأ في الخطب الملكية السامية، لا تزال تمثيلية النساء في مختلف مواقع القرار السياسي والمؤسساتي دون الطموحات، ودون ما يقتضيه المبدأ الدستوري والالتزامات الدولية للمغرب. ويُعزى هذا الوضع، أساسًا، إلى ضعف الإرادة السياسية لدى الحكومات المتعاقبة، وإلى تلكؤ و تردد المؤسسات التشريعية في ترجمة هذا المبدأ إلى سياسات وتشريعات ملموسة.

وفي هذا الإطار، تؤكد على أنه من الضروري أن التذكير بأن مطلب سن قانون إطار للمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز ليس وليد اليوم، بل هو ثمرة نضال نسائي ومجتمعي متواصل. وقد بلغ هذا المطلب مستوى مؤسساتيًا متقدمًا، يتمثل في العريضة الشعبية التي تم تقديمها إلى البرلمان المغربي تطالب بهذا القانون، والتي تم قبولها شكلاً ومضمونًا، في سابقة ديمقراطية تُؤكد شرعية هذا المطلب وعمقه المجتمعي والدستوري.

وتتابع المتحدثة إن قبول هذه العريضة من لدن البرلمان لا يمثل فقط انتصارًا شكليًا، بل هو محطة مفصلية يجب أن تُترجم إلى خطوات عملية، أولها وأهمها هو التعجيل بإخراج هذا القانون إلى حيز الوجود، باعتباره الأداة التشريعية الكفيلة بوضع حد للاجتهادات الضيقة، والمقاربة التجزيئية لقضية المناصفة، التي ظلت إلى حد الآن رهينة لكوطا مؤقتة، أو محاصصة سطحية لا تعكس الإرادة الفعلية في التغيير.

وفي هذا السياق، تذكر غانمي بأن الإرادة الملكية السامية واضحة وثابتة، وتؤكد باستمرار على ضرورة تمكين النساء، وتعزيز مشاركتهن في الحياة السياسية، وتمكينهن من ولوج المناصب العليا ومناصب المسؤولية، والمساهمة في اتخاذ القرار، على قدم المساواة مع الرجال. غير أن الفجوة بين هذه الإرادة العليا، وبين الأداء السياسي والحكومي، لا تزال عميقة، وهو ما يُبرز الحاجة إلى تعبئة وطنية قوية لتفعيل المناصفة كواقع مؤسساتي وليس مجرد مبدأ دستوري نظري.

وتؤكد على أهمية التمكين السياسي للمرأة، فإننا نربطه بالضرورة بـعدالة مجالية، واقتصادية، وثقافية، لأن التمكين السياسي لا يمكن فصله عن التمكين الشامل. كما أن تعزيز المشاركة السياسية للمرأة لا يمر فقط عبر الإصلاح القانوني، بل أيضًا عبر الارتقاء بالممارسة السياسة، وإعادة تأهيل الحقل الحزبي، وتحفيز الإعلام، وتغيير الصور النمطية، وتطوير آليات التكوين والتأطير.

وتفيد الفاعلة السياسية والحقوقية إن إخراج قانون إطار للمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، إلى جانب التعجيل بإحداث هيئة المناصفة، يمثلان اليوم واجبًا دستوريًا وأخلاقيًا ومجتمعيًا لا يقبل التأجيل. ذلك أن التماطل في هذا الورش الحيوي لا يُفقد النساء فقط حقوقهن، بل يحول دون استثمار الوطن ككل لطاقاته وكفاءاته النسائية، وينقص من وثيرة البناء الديمقراطي، يؤثر سلبا على صورة المغرب دوليًا.

من هذا المنطلق، توجه غانمي دعوة إلى كل الفاعلين(ات)، من أحزاب سياسية، ومنظمات مدنية، ونقابات، ومؤسسات وطنية، إلى تحمل مسؤوليتهم(ها) في الضغط الإيجابي من أجل تنزيل المناصفة، ليس فقط كالتزام دستوري و كمطلب قطاعي، بل كمشروع وطني لإعادة التوازن وإحقاق العدالة وتمكين نصف المجتمع من أداء دوره الكامل في بناء مغرب الديمقراطية والكرامة والمساواة”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock