
يعود اليوم العالمي للمرأة وتعود معه السجالات الفكرية حول مدى أحقية المرأة في التواجد في مواقع صنع القرار، موازاة مع النقاشات الواسعة التي تنصب على الإنجازات التي تحققها المرأة رغم الصعوبات الجمة التي تعترضها في شتى المجالات.
تكريما للمرأة، وبمناسبة يومها العالمي، نسلط الضوء على التحديات التي تواجهها النساء من خلال الحوار الذي أجرته “رسالة24” مع خديجة الكور فاعلة سياسية وحقوقية.
ما حصيلة الإنجازات المسجلة لصالح العنصر النسوي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ؟
إن المتتبع لمسار تنزيل الحقوق الإنسانية للنساء بالمغرب، يستشف بوضوح أن هذا المسار يسمه طابع البطء. هذا الأخير، فرضته مجموعة من الظروف، و على رأسها ما سمي بـ “الربيع العربي” الذي قوى من ممانعة التيار المحافظ طيلة فترة لا تقل عن 10 سنوات. ومع ذلك، فإن الكثير من المكتسبات تم نيلها في أفق تحقيق المساواة سواء على المستوى التشريعي أو الثقافي أو الاقتصادي… هذه الجهود الجبارة، التي بذلت و لا زالت تبذل، ماضية نحو تحقيق المساواة الكاملة، وبشكل لا رجعة فيه.
ماذا عن ولوج المرأة لمناصب القرار وحضورها في المشهد السياسي، وكيف تقيمين هذا الجانب؟
الحقيقة أن حضور المرأة في المشهد السياسي لم يكن من صلب الثقافة الاجتماعية المبنية على المساواة والتمكين بقدر ماهو وليد لنظام “الكوطا” الذي اعتمده المجتمع الدولي وقام المغرب بتنزيله على مستوى المشاركة السياسية للنساء.
وعلى الرغم من أن “الكوطا” هي نهج مرحلي، الهدف منه ترسيخ ثقافة المساواة في المجتمع، إلا أنني أتخوف من تراجع المشاركة السياسية للنساء أو انعدامها بمجرد التخلي عن نظام الكوطا، لأن هذا النظام، وباعتراف المنتظم الدولي نفسه، أسلوب غير ديمقراطي، وإن كان وسيلة لترسيخ المساواة.
هل فعلا يمكن أن نقول إن المرأة أصبحت فاعلة في مختلف المجالات كما وكيفا؟
يصعب الحديث عن فعالية المشاركة النسائية إن لم تصبح هذه المشاركة ثقافة مجتمعية متأصلة، ومع ذلك فالنساء أثبتن فعلا أنهن لسن ناقصات عقل أو أقل كفاءة، لذلك أعتقد أننا نحتاج بالمغرب إلى تمديد الفترة الانتقالية لنظام الكوطا.
بالنسبة لمدونة الأسرة، أي الجوانب تطالبين بتعديلها؟
مطالب الحركة النسائية كثيرة بهذا الشأن، بدءا بلغة نصوص المدونة التي يغلب عليها طابع الذكورية من حيث بعض الألفاظ والمصطلحات، ناهيك عن ضرورة إعادة ترسيم حدود جملة من المفاهيم كالأسرة والزواج والزوج والأبناء والنفقة والمتعة والصداق وغيرها من المفاهيم كي تتخلص هذه المدونة من احتكار سلطة الزوج أو الأب أو الأخ أو حتى الابن حسب الأحوال.
وهذا معناه أن المدونة في حاجة ماسة لمراجعة شاملة دون أن نستثني من ذلك بعض مواضيع الإرث في إطار لا يمس القواعد الشرعية الثابتة. وهنا ينبغي التذكير بالخطاب الملكي الأخير للعرش 30 يوليوز 2022 والذي خصص من خلاله جلالة الملك حيزا مهما لقضايا الأسرة مؤكدا جلالته على ضرورة مراجعة مقتضياتها حتى تكون قاطرة للنهوض بأوضاع الأسرة المغربية.
كيف يمكن تقليص حجم العنف الممارس ضد النساء، من منظورك كحقوقية ؟
– الملاحظ أن الغائب الأكبر في جهود مناهضة العنف ضد النساء هو السياسات العمومية، فلا يكفي فقط إصدار القانون 13/103 ولا المقاربات العقابية التي يلزم بها البعض القضاء، ولا تكفي جهود المجتمع المدني، بل يجب فوق كل ذلك سن سياسات عمومية سواء المحلية منها أو الوطنية في مجالات التعليم والصحة والتشغيل ونشر ثقافة حقوق الإنسان بشكلها السليم وتجهيز الفضاءات العمومية بما يلزم لمناهضة العنف وغيرها من الجهود المتنوعة الأخرى التي بدونها يصعب السيطرة على العنف المبني على النوع.