فعلت وزارة الصحة ببلادنا نظام اليقظة الصحية مساء الثلاثاء، لمواجهة أي احتمال لتسرب حشرة “بق الفراش” إلى التراب الوطني بعدما تم رصد “البق” على متن باخرة قادمة من فرنسا بميناء طنجة. “رسالة 24 ” تحاورت مع الطيب حمضي طبيب ومختص بالنظم الصحية لمعرفة مدى تأثير هذه الحشرة على صحة الإنسان، و كيفية احتوائه؟.
بداية دكتور، قربنا من حشرة “بق الفراش”؟
هذه الحشرة متواجدة مع الإنسان منذ آلاف السنين، و قد تم القضاء عليها في الدول المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية باستعمال مبيد حشري يدعى DDT. إلا أن هذه الحشرة عادت في السنوات الثلاثين الماضية رويدا رويدا بحيث تقول الدراسات أن أسرة من كل عشرة منازل على مدى الخمس سنوات الماضية عانت من “بق الفراش”.
ما هو سبب عودة هذه الحشرة ؟
هناك ثلاثة أسباب لعودة هذه الحشرة… الأول يكمن في كون المبيد الذي أشرت إليه سلفا، والذي تم استعماله للقضاء عليها بعد الحرب العالمية الثانية كان يستعمل أيضا في الفلاحة. لكنه، و في نفس الوقت، كان يحدث مشاكل صحية بحيث يتسبب في تسمم الجهاز العصبي للإنسان. وبالتالي، تم منعه في المجال الفلاحي. و الثاني أن بعض الدول منعت استعماله أيضا في القضاء على الحشرات رغم أنه فعال جدا، وتم تعويضه بمبيدات أخرى بديلة لم تعط أكلها بكفاءة لأن هذه الحشرة قاومت هذه المبيدات البديلة التي لم تعط نفس النتيجة لـDDT. و السبب الثالث جعل خطر هذه الحشرة يتعدى المجال المحلي. فعامل السفر، نقل الحشرة بسهولة إلى مناطق أخرى عبر حقيبة السفر و جعل رقعة الانتشار تتسع رويدا رويدا.
إلى أي حد تؤثر حشرة “بق الفراش” على صحة الإنسان؟
إن تأثير هذه الحشرة على صحة الإنسان يتفاوت من مستوى إحداث حساسية في الجلد و المرافقة بالحكة و التهابات إلى الإصابة بتقرحات في حالة تواجد حشرات كثيرة في المرفق العمومي. و هذا لا يشكل ضررا و خطرا كبيرا على صحة الإنسان. لكن الضرر الأكبر يصيب الجانب النفسي بحيث يصبح الإنسان غير قادر على النوم، و يشعر بالخوف.
هل حشرة بق الفراش تنقل الأمراض من الإنسان إلى الإنسان؟
لم تثبت الدراسات العلمية لحد الآن أن هذه الحشرة يمكن أن تنقل الفيروسات أو الباكتريات أو الطفيليات بين البشر.
ماهو التهديد الذي تشكله هذا النوع من الحشرات؟
يمكن القول أن التهديد الذي يمكن أن تحدثه هو الانتشار بشكل واسع مثلما وقع في القارة الشمالية في السنوات الأخيرة، و ما يقع اليوم في فرنسا بباريس تحديدا.
ماهي ظروف الانتقال الواسع؟
يمكن تحديد الظروف الملائمة للانتشار الواسع في السفر، و إدخال الملابس القديمة المستعملة إلى المنزل، و كذا استعمال المرافق العمومية المويوءة بهذه الحشرة، مثل دور السينما و المسارح… خاصة في ظل مقاومتها للمبيدات الحشرية، و صعوبة عملية القضاء عليها، و التي تبقى عملية مكلفة ماديا،كما أن مكافحتها ليست بالأمر الهين، إذ تتطلب عملية التخلص منها التكرار مرتين أو أكثر.
كيف يمكن احتواء هذه الحشرة؟
لابد من المراقبة الصارمة لكل وسائل النقل التي تعبر التراب الوطني من سيارات و حاويات و مراقبة الحقائب والملابس، خاصة وأن هذا النوع من الحشرات يمكن أن تظل على قيد الحياة لعدة أشهر. لهذا، وجب توعية المواطنين بتجنب الممارسات و السلوكات الخاطئة مثلا عند ولوج أحد الفنادق. فلابد لهم من تفتيش الغرفة. و صحيح أن الدولة من واجبها مراقبة وسائل النقل الوافدة. لكن، يقتسم المواطنون المسؤولية معها.
ولابد من الإشارة إلى أن هذه الحشرة لا تنتقل من غرفة إلى غرفة أو من مكان إلى مكان من تلقاء نفسها، بل إن الحامل هو الإنسان، فهو من ينقلها معه أينما حل و ارتحل، سواء بنقل الأثاث أو في الملابس القديمة التي توجد بها. و كل دولة، كائنة ما كانت، معرضة لهجوم هذه الحشرة. و بالتالي، لابد من رفع مستوى توعية المواطن تفاديا لنقل هذه الحشرة معه إلى البيت و منه نشرها على نطاق واسع.