آخر أخباررأي

الانفجار العشوائي للمجموعات الصوتية في المغرب: هل نحن على حافة انهيار فني؟

حسن زغيدة                                                            أستاذ وعضو الجمعية الدولية للتربية الموسيقية.

في خضم الزخم الموسيقي الذي يشهده المغرب، نجد أنفسنا أمام ظاهرة تستحق الوقوف عندها والتأمل في حيثياتها بعمق. هذه الظاهرة ليست شيئا آخر غير ” انتشار المجموعات الصوتية بشكل عشوائي “.

فعلى الرغم من أن التنوع الموسيقي يُعتبر قاعدة جوهرية لثروات المغرب الثقافية، إلا أن هذه الفوضى في الساحة الموسيقية تُنذر بكارثة فنية صامتة تضرب في مقتل تراثنا العريق.

1 – موجة عشوائية تكتسح الساحة:

لا يكاد يمر أسبوع دون أن نسمع عن ولادة مجموعة صوتية جديدة. لكن، وللأسف، غالبًا ما تأتي هذه الولادة على حساب الجودة الفنية والأصالة. فمعظم هذه المجموعات تفتقر إلى التدريب والتوجيه اللازمين، مما ينعكس سلبًا على مستوى العروض المقدمة. وبهذا، بدلاً من أن تكون هذه المجموعات صوتًا إضافيا مميزًا يعكس التنوع الثقافي، أصبحت تُشكل نشازا وضجيجًا موسيقيًا يُغرق الذوق العام في مستنقع من الابتذال.

2- أين هي الجودة؟

عندما نتحدث عن الموسيقى المغربية، فإننا نتحدث عن تراث غني يمتد عبر قرون، يحمل في طياته بانوراما مشكلة من عبق الأندلس وأصالة العيطة وعمق الملحون… إلا أن هذه الهوية الموسيقية باتت مهددة بفعل الانتشار العشوائي للمجموعات الصوتية التي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الحديثة الرقمية والتسجيلات الإلكترونية. هذا الاعتماد المفرط عليها، يُفقد الموسيقى روحها ويُحولها إلى مجرد منتوج سطحي يُباع في سوق الفوضى.

3- ضياع الهوية الثقافية:

إن هذا الانتشار العشوائي لا يُهدد فقط جودة الموسيقى، بل يُهدد أيضًا هويتنا الثقافية. فالابتعاد عن الأساليب التقليدية والأصول الموسيقية لصالح أساليب حديثة غير مدروسة يُسهم في ضياع الهوية الثقافية ويُقلل من القيمة التراثية لهذا النوع من الفن. فنحن، إذ نضع هذا الوضع موضع نقد، لا نرفض التجديد، بل ندعو إلى تجديد مدروس يحترم الأصول ويُعززها ويستثمر في جعلها صناعة ثقافية.

4- هل من حلول؟

لا شك أن تنظيم هذه الفوضى يتطلب تضافر جهود مشتركة من جميع الأطراف المعنية. فعلى الحكومة والمؤسسات الثقافية أن تعمل على تقديم الدعم اللازم لهذه المجموعات من خلال توفير برامج تدريبية متخصصة، وتمويل مالي و تكفل معنوي، وتوعية بأهمية الحفاظ على التراث الموسيقي. لهذا، ينبغي التوجه نحو إنشاء مؤسسات تُعنى بتوجيه وتدريب المجموعات الصوتية، والذي يمكن أن يُشكل خطوة أولى نحو تنظيم هذا القطاع وتجويد مستواه.5- دعوة للعمل:

إن إنقاذ الموسيقى المغربية من الفوضى يتطلب منا جميعًا العمل بجدية ومسؤولية. فلنتعاون جميعًا، فنانين، وجمهور، ومؤسسات… للحفاظ على تراثنا الموسيقي وتطويره بشكل يليق بتاريخه العريق. علينا أن نرفع أصواتنا ونطالب بتنظيم هذا القطاع ودعمه، حتى نتمكن من تقديم موسيقى تُعبر عن هويتنا وتُفتخر بها على مدى الأجيال القادمة.

في الختام، هل سنبقى مكتوفي الأيدي أمام هذه الكارثة الفنية الصامتة، أم سنعمل معًا لإنقاذ موسيقانا وتراثنا؟ القرار بأيدينا.

اظهر المزيد

Rissala 24

مدخل الخبر اليقين
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock