سنة مرت على انطلاق حرب غزة في السابع من أكتوبر من العام الماضي، ولازال الجيش الصهيوني مستمرا، إلى اليوم، في حصد أرواح الفلسطينيين، ولا يتوانى عن التنكيل بأصحاب الأرض الصامدين أمام وجه المحتل. هذا الأخير، الذي قرر فتح جبهة أخرى في جنوب لبنان للتغطية على فشله في احتواء الوضع في غزة. وأمام هذا الوضع الذي ينذر بامتداد فتيل حرب ليشمل الشرق الأوسط كله، تتولد أسئلة مشروعة: لماذا يركز الجيش الاسرائيلي على جنوب لبنان؟ وهل ينذر الوضع بحرب إقليمية؟
يقول عبد النبي صبري أستاذ العلاقات الدولية في تصريح لـ”رسالة 24″: ” تركز إسرائيل على جنوب لبنان، لأن الحرب في غزة أشرفت على استكمال السنة، ولم يحقق فيها نتنياهو شيئا، سواء باسترجاع المخطوفين إلى ذويهم أوبكبح جماح صوت المقاومة حماس. فبمجرد أن يتم الإعلان عن تمشيط منطقة ما من مقاتلي حماس، يأتي الرد منهم على شكل صواريخ.. وعندما حاصرت نتنياهو النكسات من كل جانب، فهو لم يستطع الوفاء بوعده لعوائل المخطوفين، ولا المستوطنين تجرؤوا على العودة إلى المستوطنات. وبالتالي، فكر في فتح جبهة جديدة والتركيز على حزب الله وايران لكي يحول الانتباه ويعمل على إلهاء الإعلام الإسرائيلي والدولي عن الحديث حول إعادة المخطوفين.
وعند التأمل في هذا الوضع، يرى الأستاذ صبري أننا نعيش مشهدا غريبا فحزب الله ينفذ أجندة إيران بشكل أساسي في الشرق الأوسط، وحكومة نتنياهو تنفذ بدورها المخطط الأمريكي فيه، وبكل حذافيره، فهي ترى أن الفرصة مواتية لتحقيق الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تهلل له أمريكا في ما مضى من السنوات.
ويصف أستاذ العلاقات الدولية الوضع في الشرق الأوسط بالغريب الأطوار، بحيث يظهر أن ما يقال في الإعلام والعالم ليس هو ما يطبق على أرضية الواقع. فمثلا، حينما قامت إسرائيل مؤخرا بإسقاط صواريخ على مقاتلي حزب الله وممقتل القيادي إبراهيم عقيل، نجد إضافة إلى حزب الله الذي تأسف على مقتله فرنسا، التي تأسفت بدورها كثيرا على مقتله .وفالمعطيات تقول بأنه كان يعمل لصالح المخابرات الفرنسية.
وفي الوقت الذي يباد فيه مقاتلي حزب الله، تم تهريب ابن نصر الله إلى كربلاء مثلما تم تهريب ابن نتنياهو في الماضي إلى أمريكا.
وعن إمكانية وقوع حرب إقليمية، يفيد المحلل السياسي أن كلا من حزب الله وإيران لا لا يفضلان حربا إقليمية. وفي حالة ما وقع العكس، فستأتي هذه الحرب على الأخضر واليابس. فاليوم، ينتشي الاسرائيليون بتحييد نخبة من قياديي حزب الله، ومقتل العديد من مقاتليه بعد ارتكاب جريمة الشرائح الإلكترونية، فهم كانوا متخوفين من إعادة ما وقع في السابع من أكتوبر في الذكرى الأولى للحرب على غزة. وبالرغم من هذه الجرائم لم يستطع الجيش الإسرائيلي ردع حزب الله وحماس وهذا ما جعل نتنياهو وحكومته في مفترق طرق سيكون مآله كمآل العديد من الدكتاتوريات التي مرت عبر التاريخ.