تمكنت الفرق متعددة التخصصات للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، بالتعاون مع فريق مستشفى بول بروس “APHP”، من إجراء عمليتي زراعة كبد من متبرعين أحياء ” الأقارب”، الذي يعد تحدٍ طبيا معقد يتطلب تنسيقا دقيقا وتقييما شاملا لضمان نجاح العملية وسلامة كل من المتبرع والمريض المتلقي، وتعتبر هذه العملية إنجازا غير مسبوق على المستوى الوطني، كما يعزز هذا الإنجاز فرصة للمرضى المسجلين في قوائم الانتظار للحصول على زراعة الكبد الضرورية لحياتهم دون الإنتظار في القوائم للحصول على زراعة الكبد الضرورية لحياتهم من طرف المتبرعين في حالة الموت الدماغي.
إرتأت “رسالة24” أن تتواصل مع الطاقم الطبي الذي أشرف على هذه العملية، وفي هذا الحوار سيقربنا أحمدي إبراهيم بروفيسور الإنعاش والتخدير، بالمركز لاستشفائي الجامعي ابن سينا، وكلية الطب والصيدلة بالرباط، من أطوار هذه العملية التي ضخت الحياة في نفوس مرضى الكبد.
بداية بروفيسور نهنئكم على نجاح أول عمليتين لزراعة الكبد من متبرعين أحياء، كيف جرى التنسيق لهاتين العمليتين؟
إن نجاح أول عمليتي لزراعة الكبد من متبرعين أحياء يتطلب تخطيطا وتنسيقا دقيقا على جميع المستويات لضمان سير العمليات بسلاسة ودراسة كيفية تجنب أي مضاعفات خطيرة، حيث تم التنسيق للعمليتين: من خلال إجراء تقييم صحي شامل للمتبرعين “الأقارب” وللمرضى الذين سيستقبلون الكبد، ويشمل هذا الفحص توافق فصائل الدم، واختبار وظائف الكبد، والتأكد من أن المتبرع في صحة جيدة بما يكفي للتبرع، وأيضا الفحص الدقيق لكل من المتبرع والمريض المتلقي، بما في ذلك الفحوصات القلبية والتنفسية والدموية.
فضلا عن ذلك تطلبت العمليتان تنسيقا شاملا بين الفريق الطبي والتقني، مع مراقبة دقيقة لجميع التفاصيل من التحضيرات الأولية إلى الرعاية ما بعد الجراحة.
إحدى المريضات تبلغ من العمر 65 سنة، ألم تشكل هذه العملية أي خطورة على صحتها؟
نعم، زراعة الكبد من متبرعين أحياء هي عملية معقدة وتحمل بعض المخاطر لكل من المتبرع والمريض المتلقي. وعلى الرغم من أن نجاح العملية يعتمد بشكل كبير على التقييم الطبي الدقيق واتخاذ الإجراءات الوقائية، إلا أن هناك دائمًا مخاطرا محتملة، سواء كانت قصيرة الآمد أو طويلة الآمد. فيما يتعلق بالمتبرعين، هناك عدة مضاعفات ممكنة، لكن بفضل الطاقم الطبي المتكامل والرعاية المستمرة، يمكن تقليل هذه المخاطر إلى الحد الأدنى.
وهناك أيضا معايير ومعطيات طبية معتمدة عالميا تستخدم لتحديد ما إذا كان الشخص مرشحا جيدا لعملية زراعة الكبد، هذه المعايير تستند إلى التقييم السريري الدقيق لحالة المريض، وتشمل مجموعة من العوامل المتعلقة بوظائف الكبد، الصحة العامة، والأمراض المزمنة التي يعاني منها المريض. وبناء عليه يتم إتخاذ قرار زراعة الكبد بعد مناقشة شاملة من قبل فريق متعدد التخصصات من الأطباء، بما في ذلك أطباء الكبد، الجراحين، وأطباء التخدير، ويكون الهدف هو تحسين جودة حياة المريض وزيادة فرص بقائه على قيد الحياة.
ألم تشكل هذه العملية أي خطورة أو مضاعفات على المتبرعين؟
لقد تجاوزت الحالتين مرحلة الخطر، وبفضل الله والطاقم الطبي تكللت العمليتين بالنجاح، وهذا يدل على العمل الجاد والتنسيق الكبير بين الفريق الطبي، فبعد إجراء عمليات زراعة الكبد، دخلت المريضتين قسم العناية المركزة لمواكبة حالتهما الصحية ولضمان تعافي المريضتان ومتابعة استجابة الكبد المزروع بجسمهما.
ومن الطبيعي أن تحدث مضاعفات بعد زراعة الكبد، لكن بفضل المراقبة الدقيقة لحالتهما تم التشخيص المبكر للمضاعفات وعلاجها في الوقت المناسب.
ومن المضاعفات الشائعة التي تحدث بعد زراعة الكبد، يواجه المريض صعوبات في التنفس، ويمكن أن يحدث لا قدر الله نزيف بعد الزراعة وهو خطر شائع يجب مراقبته بعناية، إلى جانب ذلك يجب أن يستعيد الكبد المزروع وظيفته بسرعة، هذا يعتبر مؤشرا إيجابيا على نجاح العملية وتقبل الجسم للكبد..
ما المعايير التي يتم الأخذ بها أثناء انتقاء المتبرع خاصة من الأقارب؟
قبل إجراء زراعة الكبد، نقوم بتقييم سريري دقيق وشامل لكل من المتبرع والمريض المتلقي. والهدف من هذا التقييم هو التأكد من أن المريض المتلقي قادر على تحمل العملية الجراحية الكبيرة، وأن جسمه سيكون قادرًا على استيعاب الكبد الجديد.
نقوم أيضا بالتقييم السريري للمريضة المتلقية ويشمل، فحص الجهاز التنفسي والتأكد من عمل الرئتين بشكل جيد، لأن مشاكل التنفس يمكن أن تؤثر سلبًا على الشفاء بعد العملية، على جانب، تقييم الجهاز القلبي، يجب التأكد من صحة القلب واستبعاد أي أمراض قلبية خطيرة قد تؤثر على قدرة المريضة على تحمل الجراحة أو فترة النقاهة بعدها.
وأيضا التحقق من مشاكل في تخثر الدم أو فقر الدم، لأنها ستتفاقم مخاطر النزيف أثناء الجراحة وبعدها. لهذا السبب، يجرى تحليل شامل للدم ومراقبة وظائفه قبل اتخاذ قرار الزراعة. يتم أيضا مراقبة وظائف الكبد، من خلال تحاليل الدم الدورية، لمتابعة كيفية استجابة الجسم للكبد المزروع.
هل المغرب حاليا مؤهل للقيام بجميع عمليات الزراعة؟
حاليا هناك نوعين لزراعة الكبد؛ زراعة الكبد من متبرع حي وزراعة الكبد انطلاقا من متبرع في حالة موت سريري، والعملية التي أجريناها من متبرعين أحياء، بالنسبة للمتبرع الأول هو أب يبلغ من العمر 53 سنة تبرع بفص كبده لابنته التي تبلغ من العمر 19 سنة، كانت تعاني من الالتهاب كبدي حاد، وفي مثل هذه الحالة لا تستجيب حالتها للعلاجات الطبية التقليدية، ويمكن أن تتفاقم حالتها وتؤدي لفشل كبدي سريع، مما يجعل زراعة الكبد الحل الوحيد والمنقذ للحياة. ولهذا ناقشنا مع الأب إمكانية الزراعة من متبرع حي، الذي تفاجأ بإمكانية شفاء ابنته ولم يتردد في التبرع بفص كبده لإبنته.
ما المضاعفات التي يمكن أن يعاني منها المتبرع مستقبلا؟
إن التبرع بجزء من الكبد هو إجراء معقد، ولهذا يمكن أن يواجه المتبرع بعض المضاعفات بعد العملية، مثل التسرب للعصارة الصفراوية، وغيرها …. ولهذا من المهم الحفاظ على تواصل مستمر مع المتبرع حتى بعد الشفاء الأولي للتأكد من عدم ظهور مضاعفات على المدى الطويل، وأيضا تتبع البروتوكول العلاجي.