صرح الخبير البيئي حميد رشيل، عضو جمعية المنارات الإيكولوجية للتنمية والمناخ، أن التغيرات المناخية المتسارعة، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، تكرار موجات الجفاف، والإجهاد المائي الحاد، بالإضافة إلى تزايد الطلب على الغذاء، أصبحت تهدد بشكل كبير الأمن الغذائي نتيجة تراجع المحاصيل الزراعية.
ولمواجهة هذه التحديات، أوضح الخبير، أن البحث العلمي الزراعي يلعب دورا محوريا في تعزيز قدرة الزراعة على الصمود أمام الاحترار العالمي. يتم ذلك من خلال تبني تقنيات التحسين الوراثي والزراعي بهدف إنتاج أصناف نباتية وسلالات حيوانية مقاومة، قادرة على مواجهة آثار التغيرات المناخية، مع الحفاظ على استدامة الموارد الجينية النباتية والحيوانية.
وفي هذا السياق، أشار رشيل، إلى أن المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة والمعهد الوطني للبحوث الزراعية قد نجحا في تطوير أصناف جديدة من القمح الصلب والشعير تتميز بقدرتها العالية على مقاومة الجفاف والأمراض الطفيلية، مع تحقيق مردودية غذائية مرتفعة.
ورغم أن هذه البذور المبتكرة تتطلب كميات أقل من المياه، إلا أن تسويقها على نطاق واسع لا يزال يواجه تحديات، ويعد الاعتماد على هذه الأصناف وحدها غير كاف لتحقيق اقتصاد مائي مستدام. ولهذا، يجب اتخاذ مجموعة من التدابير الضرورية، من بينها:
تشجيع الفلاحين على اعتماد الأصناف الجديدة: المقاومة للظروف المناخية القاسية.
ترشيد استهلاك مياه الري: من خلال إدارة محكمة وعقلانية تتناسب مع احتياجات المحاصيل.
الحد من آثار التغيرات المناخية: عبر توسيع المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة، مما يسهم في امتصاص الكربون وتقليل انبعاث الغازات الدفيئة.
دعم البحث العلمي الزراعي: وتعزيز التعاون المجتمعي وتشجيع الابتكار لتطوير أصناف نباتية وعلفية جديدة، ذات جودة غذائية عالية وسريعة النضج وقليلة الاستهلاك للمياه، لضمان توافر مستمر للألبان واللحوم.
توسيع استخدام الذكاء الاصطناعي: لرصد الجفاف والتنبؤ بالمحاصيل، مما يعزز مرونة الزراعة في مواجهة التحديات المناخية.
اعتماد نظم زراعية بديلة: لدعم الزراعة المستدامة في المناطق الجافة وشبه الجافة في المغرب.
تقنين المساحات المخصصة للمحاصيل المستنزفة للمياه: وتشجيع تقنيات الري بالتنقيط باستخدام المياه السطحية والمياه غير التقليدية بتكاليف مدعمة.
إعادة النظر في توزيع المناطق الزراعية: بما يتماشى مع المخزون المائي المتاح، وتحويل زراعة المحاصيل التي تحتاج لكميات كبيرة من المياه إلى المناطق الأكثر وفرة أو تقليص المساحات المخصصة لهذه المحاصيل.
وأخيرا، شدد الخبير البيئي على أن مناخ المغرب سيزداد جفافا مع تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة، مما سيؤثر سلبا على الموارد المائية، التنوع البيولوجي، والقطاع الزراعي، وهو ما قد يعقد جهود تحقيق الأمن الغذائي في المستقبل.