آخر أخبار

حسن عمور الفائز بجائزة الابتكار العالمي لـ”رسالة24″: مواكبة التقدم العلمي يتطلب الموارد المالية والتكنولوجية

عمور حسن، مخترع مغربي مرموق وشغوف بالابتكار والتكنولوجيا، يعد من أبرز الشخصيات التي وضعت بصمتها في مجال الابتكار على الصعيدين الوطني والدولي. حاز على العديد من الجوائز العالمية، بما في ذلك عشر ميداليات ذهبية وجائزة سفير الابتكار العالمي، مما يعزز مكانته كرمز من رموز الابتكار في الساحة الدولية.

من أبرز إنجازاته تطوير جهاز ذكي مغربي مائة بالمائة للكشف المبكر عن سرطان الثدي، لم يقتصر دوره على الاختراع فقط، بل يمتد ليشمل نقل المعرفة والخبرة إلى الأجيال الصاعدة من المهندسين من خلال عمله في المدرسة المحمدية للمهندسين، حيث يسعى إلى تكوين جيل جديد من المبتكرين المغاربة.

ورغم التحديات المالية ونقص الدعم، يواصل حسن عمور مسيرته بإصرار لتحقيق رؤيته الطموحة في جعل المغرب مركزا عالميا للابتكار.

   

فزتم بـ 10 ميداليات ذهبية، ثم جائزة سفير الابتكار العالمي في المسابقة الدولية للمخترعين والابتكار. كيف استطعتم حصد هذا الكم من الميداليات في مسابقة دولية من العيار الثقيل كهذه؟

شاركنا بفخر في فعاليات أسبوع الابتكار العالمي 2024، والذي شهد هذا العام حضورا متميزا لأكثر من 178 مبتكرًا عالميًا من أكثر من 23 دولة حول العالم.

كان لمشاركتنا بصمة واضحة من خلال تقديم خمسة اختراعات ومشاريع مبتكرة، على رأسها اختراع ماسح ضوئي ذكي غير تلامسي يتميز بفعاليته الكبيرة وتكلفته المنخفضة. هذا المشروع، الذي طور بعقول مغربية من قبل نخبة من الدكاترة والباحثين في المدرسة المحمدية للمهندسين التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، يمثل إنجازا متميزا على الصعيدين الوطني والدولي.

ولا تتوقف الجدوى منه عند هذا الحد وحسب، بل يعد هذا الاختراع طفرة نوعية في المجال التطبيقي، إذ يظهر جدارة في مجال الكشف المبكر عن سرطان الثدي لتميزه بعدم التسبب في أية تفاعلات جانبية، بالإضافة إلى تكلفته المنخفضة. وهذا ما يجعله في متناول شريحة واسعة من المستخدمين.

ويتوقع لهذا الاختراع أن يحدث نقلة نوعية في جهود محاربة هذا المرض الخطير. فهو يسهم في توفير هامش كبير من تكاليف الأجهزة الحالية المستخدمة عالميا، ناهيك عن الاستفادة منه وطنيا، خاصة وأنه يتم تسجيل أكثر من 59 ألف حالة جديدة من سرطان الثدي سنويا.

أما الابتكار الثاني، فقد تناول واحدة من أكبر التحديات الأكاديمية، وهي مكافحة الغش في الامتحانات. ويعد هذا الاختراع من الإنجازات الوطنية والدولية، حيث حاز على العديد من الجوائز العالمية لكونه يقدم طرقا جديدة وذكية في مواجهة هذه الظاهرة.

إن هذا الابتكار لا يعزز فقط مصداقية الشهادات المغربية على الساحة الدولية، بل أيضا يرفع من قيمة النظام التعليمي المغربي برمته.

إضافة إلى ذلك، قدمنا هوائيا متعدد التصحيحات مخصصا للهواتف النقالة الخاصة بالجيلين الرابع والخامس، والذي يهدف إلى تقليل تأثير الذبذبات والحرارة الناتجة عن استخدام الهاتف على الرأس واليد والجسم. هكذا، يعتبر هذا المشروع خطوة مهمة في تحسين تجربة استخدام الهواتف المحمولة بشكل آمن وصحي.

وفي إطار التعاون مع الجمعية المغربية لأمراض القلب والشرايين، تمكنا من تطوير نظام متقدم يعتمد على الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن أمراض القلب. ويمثل هذا الابتكار نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية، حيث يمكن من مساعدة الأطباء في تشخيص الحالات المعقدة بسرعة ودقة.

وقد توجت مشاركتنا في هذا الحدث العالمي بحصد 10 ميداليات ذهبية و8 براءات اختراع، بالإضافة إلى الحصول على جائزة سفير الابتكار العالمية، التي تمنح لأول مرة لمخترع مغربي على المستوى العالمي.

ويعد هذا التقدير الدولي اعترافا بدور المغرب الرائد في مجال الابتكار والتكنولوجيا على الساحة العالمية، وخاصة في مواجهة دول متقدمة مثل الصين، اليابان، كوريا الجنوبية الهند وكندا.

هل من شخصية معينة أو مخترع كان له تأثير كبير على مسيرتك العلمية؟

بدأت مسيرتي العلمية في عام 1982 عندما شرعت في تحضير الدكتوراه بجامعة هنري بوانكاري في فرنسا. منذ تلك اللحظة، كان يراودني هاجس قوي بأن أي فكرة جديدة تستحق براءة اختراع يجب أن تعود بالنفع على المغرب والعالم بأسره. وفي إطار تخصصي في الإلكترونيات والذبذبات الدقيقة وعلم الاتصالات، سعيت جاهدا إلى استغلال هذه العلوم لاكتشاف اختراعات جديدة بالتعاون مع باحثين مسجلين في الدكتوراه بالمدرسة المحمدية للمهندسين.

ولقد كانت هذه الرحلة العلمية طويلة، امتدت على مدار عقود من البحث، ملؤها المثابرة، والتقدم في هذا المجال. واسعا نصب عيني تحقيق إنجازات علمية يمكن أن يستفيد منها ليس فقط المغرب، ولكن العالم أجمع.

تم ترشيح اختراع الماسح الضوئي الذكي للكشف عن سرطان الثدي بواسطة الترددات الراديوية.إلى أي حد يمكن أن يساعد هذا الاختراع في الكشف المبكر عن هذا الداء من منظوركم ؟

بالنسبة لاختراع الماسح الضوئي الذكي، يعد نقلة نوعية في مجال الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وهو ابتكار مغربي خالص بنسبة 100بالمئة، تم تصميمه وتطويره لتلبية احتياجات المغرب والعالم في هذا المجال الحيوي. قمنا باختباره على ثدي اصطناعي، سواء كان سليما أو مصابا بالسرطان، وكانت النتائج غاية في الأهمية، مما يعكس كفاءة عالية وقدرة متميزة على التشخيص المبكر.

نحن الآن على مشارف تقديم النسخة النهائية من هذا الاختراع، ونتطلع إلى الشروع في تجاربه السريرية بالتعاون مع مستشفى وطني، حيث سيستخدم لفحص نساء مغربيات بهدف إثبات فعاليته التقنية والنتائج الاستثنائية التي حققناها حتى الآن.

ونأمل أن يجد هذا المشروع دعما من المستثمرين المغاربة، نظرا لما يتطلبه من موارد مالية كبيرة لتطويره بشكل يليق بالسوق العالمية. فهدفنا هو إنشاء نموذج طبي حيوي “Prototype Bio-Medical” بمواصفات تقنية وتكنولوجية تتوافق مع المعايير الدولية، ليكون هذا الابتكار في طليعة الحلول الطبية التي تحدث فرقا على الصعيدين المحلي والدولي.

ما هي الصعوبات التي تواجهها عند تحويل الأفكار الابتكارية إلى واقع ملموس؟ وكيف تتعامل معها؟

التحديات التي نواجهها في تحويل الابتكارات إلى واقع ملموس تتمثل بشكل رئيسي في التكلفة الباهظة للتجهيزات، إلى جانب نقص المختبرات المجهزة بأحدث المعدات ذات المعايير العالية. وفي كثير من الأحيان، أضطر إلى شراء بعض الأجهزة من تمويلي الخاص للوصول إلى نتائج مرضية، وهو ما يعكس العقبات التي تحول دون تحقيق الإمكانيات الكاملة لهذه الابتكارات.

لهذا، أرجو أن تولي الدولة اهتماما أكبر بهذا المجال، من خلال توفير بيئة داعمة للشباب المبتكرين، لأن المجتمع المغربي هو المستفيد الأول من هذه الابتكارات الرائدة. فلا يمكن لنا أن نواكب التقدم العالمي دون توفر المعدات الحديثة والموارد التكنولوجية التي تعتمد عليها الدول الرائدة في هذا المجال.

وأدعو موازاة مع ذلك إلى إنشاء مركز وطني للابتكار بمستوى عالمي، يجمع العقول المغربية الشابة ويتيح لهم الفرصة لتطوير مهاراتهم وأفكارهم. هذا المركز سيكون بمثابة منصة لدعم الابتكار والإبداع، ويسهم في بناء مستقبل مشرق للمغرب وشبابه الطموح.

كيف تتخيل مستقبل التكنولوجيا والاختراع خلال العشر سنوات القادمة؟

أتصور أنه خلال السنوات العشر القادمة، وفي حال تم تشجيع الشباب المغربي والإيمان بقدراتهم، إلى جانب إنشاء مركز وطني للابتكار بمواصفات عالمية، ومتخصص في التكنولوجيا والاختراع، فإن المغرب سيحقق قفزات نوعية في مجال الابتكار، لأن الكفاءات المغربية لا تقل شأنا عن العلماء والمخترعين العالميين، والدليل على ذلك هو تحقيقنا عشر ميداليات دولية وجائزة سفير الابتكار العالمي، التي تعد اعترافا دوليا من نخبة المخترعين في العالم.

إن تشجيع العقول الشابة سيمنح فرصة لأن يكون المبتكر نموذجا يحتذى به للجيل القادم من المبتكرين، ويمهد الطريق لابتكارات جديدة تساهم في تقدم الوطن على مختلف الأصعدة، وهو الأساس الذي سيقوم عليه مستقبل المغرب في مجالات التكنولوجيا والعلوم، ويعزز مكانة المغرب كدولة رائدة في الابتكار العالمي.

أكيد لكل نجاح حكاية. حدثنا عن بدايتك في المجال وسر نجاحك؟

إن لكل نجاح حكاية، حبي وشغفي بالابتكار وبالميدان العلمي يدفعانني دائما إلى السعي لتجسيد الأفكار وتحقيق الإنجازات. سواء من خلال مشاركتي في دروس تعليمية بالمدرسة المحمدية للمهندسين أو من خلال مساهمتي في تكوين المهندسين الدوليين في المغرب، وأعمل على مساعدة الباحثين وتوجيههم حتى يتمكنوا من الحصول على شهادة الدكتوراه.

إن حبي للميدان العلمي، على الرغم من عدم حصولي على مكافآت مادية، هو ما يحفزني على بذل قصارى جهدي في تطوير الابتكارات التي تعود بالنفع على وطننا، كما أرى أنه من الضروري تشجيع الشباب للحد من هجرة الكفاءات إلى الدول الأوروبية، فالمغرب يزخر بموارد بشرية مؤهلة وقادرة على الإسهام في تقدم الوطن. لذا ينبغي علينا توفير فرص عمل وتحفيزات ملائمة، بالإضافة إلى مختبرات مزودة بمعدات ذات مستوى عال لكي يتمكن الشباب من تطوير ابتكاراتهم والمساهمة في التقدم التكنولوجي للبلاد.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock