قال مصطفى بنرامل الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، إن مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (كوب 16) فشل في تحقيق أهدافه الطموحة لحماية التنوع البيولوجي، مما يشكل ضربة للجهود العالمية الرامية لمكافحة تغير المناخ.
حيث تم مناقشة التحديات التي تهدد التنوع البيرولوجي، خلال مفاوضات مؤتمر كوب 16 للتنوع البيولوجي الذي عقد بمدينة كالي كولومبيا، وجمع بين قادة البيئة من مختلف أنحاء العالم لمناقشة تحديات تهدد التنوع البيولوجي، مثل فقدان الموائل، التلوث، وتغير المناخ.
وأوضح بنرامل، في بلاغ توصلت “رسالة “24” بنسخة منه، أن هذا المؤتمر يعتبر جزءا من الجهود العالمية لحماية الطبيعة والحفاظ على النظم البيئية الأساسية لاستدامة الحياة على كوكب الأرض، كما تناول المؤتمر اتفاقية كونمينغ-مونتريال للإطار العالمي للتنوع البيولوجي، مع تركيز خاص على تنفيذ بنودها التي تهدف إلى إيقاف تدهور النظم البيئية بحلول عام 2030، لضمان حماية فعالة للتنوع البيولوجي.
ويرى المتحدث ذاته أن قضية التمويل كانت من أبرز التحديات التي واجهت المؤتمر، حيث طالبت الدول النامية بزيادة الدعم المالي من الدول المتقدمة لتمكينها من تنفيذ مشاريع الحفاظ على البيئة، وهو ما لاقى صعوبة خلال المفاوضات. وجرى كذلك الاعتراف بدور الشعوب الأصلية في حماية التنوع البيولوجي، مع تخصيص مساحة أكبر لإشراكهم في صنع القرار البيئي، حفاظا على أراضيهم التي تحتوي على نسبة كبيرة من التنوع البيولوجي.
كما تمت مناقشة مسألة توسيع شبكة المناطق المحمية، البحرية منها والبرية، لتعزيز حماية التنوع البيولوجي، إضافة إلى مناقشة كيفية تحسين إدارتها لتحقيق هذا الهدف. ومن القضايا الأخرى التي طرحت مسألة التسلسل الجيني، حسب بنرامل فينظر إليه كمورد واعد، لكن هذه التقنية أثارت نقاشات حول حقوق الملكية الفكرية وضمان توزيع عادل للموارد الجينية.
ويرى الخبير البيئي، أن المؤتمر واجه تحديات متعددة، من بينها خلافات حول آليات التمويل، حيث تباينت مواقف الدول بشأن توزيع الأعباء المالية، فبينما طالبت الدول النامية بمزيد من الدعم المالي، أظهرت الدول المتقدمة ترددا في الالتزام بتعهدات مالية كبيرة. وتعقدت القضية بسبب الطبيعة المتشابكة لقضايا التنوع البيولوجي، التي تتطلب حلولا شاملة تتفاعل فيها العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
كذلك واجه المؤتمر صعوبات ناتجة عن تضارب المصالح الوطنية، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية، مما أعاق التوصل إلى توافق شامل. حسب المتحدث ذاته، وتضافرت هذه التحديات مع التأخير الذي سببته جائحة كوفيد-19 في الجهود الدولية، مما زاد من ضغط المفاوضات، إلى جانب ضعف الإرادة السياسية لدى بعض الدول رغم اعترافها بأهمية هذه القضية البيئية.
ومن أسباب فشل المؤتمر في تحقيق أهدافه قال بنرامل أن تسارع فقدان التنوع البيولوجي قد يهدد سبل العيش والأمن الغذائي لملايين البشر. وقد يؤدي هذا الفقدان إلى تفاقم آثار تغير المناخ، مثل ارتفاع مستوى البحار وزيادة الظواهر الجوية الحادة. ومع تدهور الأنظمة البيئية، ستنقص خدماتها البيئية الحيوية مثل توفير المياه العذبة وتنظيم المناخ، وقد يزيد هذا التدهور من الفجوة الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية، حيث تتحمل الأخيرة العبء الأكبر من عواقب تدهور التنوع البيولوجي.
رغم هذه التحديات، أُحرزت بعض الإنجازات، منها الاعتراف بدور الشعوب الأصلية في حماية التنوع البيولوجي، وتوسيع شبكة المناطق المحمية، حيث اتفق الحاضرون على أهمية هذا التوسيع، رغم بقاء تفاصيله التنفيذية بحاجة إلى مزيد من النقاش. كما تم إنشاء صندوق عالمي للموارد المستمدة من التسلسل الجيني الرقمي لضمان توزيع منصف لهذه الموارد.
وأخيرا يرى بنرامل أن فشل مؤتمر كوب 16 يعد جرس إنذار للعالم أجمع، مما يستدعي تحركا عاجلا من الحكومات، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لتجاوز الخلافات وتبني حلول مستدامة. ورغم الصعوبات التي واجهها المؤتمر، لا تزال هناك إمكانية لتطبيق بعض الإتفاقات التي تم التوصل إليها، إذ يبقى على الدول الأعضاء التعاون الوثيق لحماية كوكبنا من أجل الأجيال الحالية والقادمة.