آخر أخبارسياسة

خبراء يرصدون دلالات مذكرة التوقيف بحق نتنياهو

بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة، أصدرت المحكمة الدولية يوم الخميس الماضي قرارا قضائيا، يقضي بإصدار مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، و يأتي هذا القرار  وسط استمرار الجدل الدولي بشأن تداعيات الحرب في غزة والانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني.

وفي هذا الاطار،  صرح محمد السكتاوي، ناشط في منظمة العفو الدولية بالمغرب، بأن التطورات الأخيرة تمثل لحظة تاريخية في مسار العدالة الدولية، ففي الوقت الذي ارتكب فيه قادة إسرائيل الجرائم الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، مثل مذابح دير ياسين وكفر قاسم وحصار غزة وسياسات التهجير والتجويع ظلوا دائما بمنأى عن المحاسبة ومع ذلك، يبدو أن ضمير العدالة الدولية قد استيقظ أخيرا أمام الأهوال الرهيبة التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، وهي أهوال تفوق في بشاعتها ما شهدته البشرية خلال فترة النازية.

قال السكتاوي أن المحكمة الجنائية الدولية وجهت اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو ما جعل قادة إسرائيل مطلوبين دوليا ومعرضين للاعتقال في 125 دولة موقعة على نظام روما الأساسي وبالتالي، يعمق هذا القرار عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، ويضعها أمام واقع جديد حيث تصبح دولة منبوذة بفعل سياساتها الدموية.

وفيما يخص مذكرة التوقيف بحق بنيامين نتنياهو، فإنها تمثل خطوة تصعيدية غير مسبوقة، وتشير إلى تغير في الموقف الدولي اتجاه إسرائيل، إذ إن الدول التي دعمت إسرائيل تاريخيا لم تعد قادرة على منحها الغطاء لشرعنة القتل والتدمير خاصة مع تنامي الحراك الشعبي في عواصم العالم ضد هذه الجرائم ومن ثم، يعد هذا القرار إنصافا للضحايا الفلسطينيين الذين عانوا من القتل والدمار وحرمانهم حتى من دفن أحبائهم الذين لا يزالون تحت الأنقاض.

بالإضافة إلى ذلك، أكد المتحدث ذاته، أن تداعيات هذا القرار لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تفتح المجال للمطالبة بمساءلة إسرائيل كدولة عن جرائمها وبالتالي، من المتوقع أن يؤدي هذا إلى زيادة الضغوط القانونية والدبلوماسية عليها في ظل سقوطها الأخلاقي المدوي كما يعزز هذا القرار من مصداقية المحكمة الجنائية الدولية كجهة قضائية مستقلة، ويدفع باتجاه تطوير آفاق العدالة الدولية لضمان محاسبة مرتكبي الجرائم، سواء كانوا أفرادا أو دولا.

وأخيرا، فإن التحول الدولي الذي أحدثه قرار المحكمة الجنائية قد يعيد تشكيل المواقف تجاه الحرب على غزة، ويزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسيا ومن ثم، يجب أن تركز الجهود المقبلة على دفع الدول للالتزام بقرارات المحكمة الجنائية الدولية، وتفعيل محكمة العدل الدولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها كمؤسسة دولة في انتقال مهم من محاسبة الأفراد إلى تحميل الدولة كامل المسؤولية.
وأخيرا يرى الناشط في منظمة العفو الدولية، أن المغرب يبدو أن المشهد الدولي على أعتاب تغييرات كبيرة، فكما يقول المثل العربي: “أول الغيث قطرة”.

وفي سياق متصل، أكد عبد الحق فريقش، المحامي بهيئة المحامين بالرباط، أن المحكمة الجنائية الدولية تعد إحدى أهم المؤسسات القضائية على الصعيد العالمي حيث تتولى محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة تشمل جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية. وعلى الرغم من أهميتها في تعزيز العدالة الدولية تواجه المحكمة تحديات عديدة، خصوصا فيما يتعلق بتنفيذ قراراتها ومذكرات الاعتقال الصادرة ضد قادة وشخصيات سياسية بارزة.

أوضح فريقش، أن المحكمة تستند إلى ميثاق روما الأساسي، الذي يمثل الإطار القانوني الرئيسي لعملها وتعد المادة 27 من الميثاق حجر الزاوية في تكريس مبدأ المساواة أمام القانون الدولي، حيث تمنع استخدام الحصانة أو الوضع الرسمي كذريعة للتهرب من المسؤولية الجنائية ومع ذلك، تنص المادة 98 من الميثاق على استثناءات تعفي الدول من التعاون مع المحكمة إذا كان ذلك يتعارض مع التزاماتها الأخرى بموجب القانون الدولي، مثل احترام الحصانة الدبلوماسية.

وأشار المحامي إلى أن اختصاص المحكمة يقتصر على الدول الأطراف في ميثاق روما، البالغ عددها 124 دولة، مما يحد من قدرتها على فرض قراراتها على الدول غير الأعضاء وحتى داخل الدول الأطراف، تواجه المحكمة أحيانا مقاومة عند محاولة تنفيذ مذكرات الاعتقال.

تعاني المحكمة من غياب قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ قراراتها، ما يجعلها تعتمد بشكل كامل على تعاون الدول الأعضاء وفي حالة عدم التعاون تقتصر المحكمة على اللجوء إلى وسائل الضغط الدبلوماسي مثل الإبلاغ عن الدولة المخالفة إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن هذه التدابير غالبا ما تكون رمزية أكثر منها فعالة خصوصا عندما تتداخل المصالح السياسية الدولية مع قضايا العدالة.

وأضاف المحامي، أن الدول التي ترفض تنفيذ مذكرات الاعتقال تستند إلى مبررات مثل الحصانة الدبلوماسية والسيادة الوطنية فبالنسبة للحصانة، ترى بعض الدول أن ميثاق روما لا يتجاوز القواعد التقليدية للقانون الدولي التي تحمي القادة أثناء توليهم مناصبهم الرسمية. أما من منظور السيادة فإن تنفيذ قرارات المحكمة يعتبر أحيانا تدخلا خارجيا في الشؤون الداخلية للدول.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock