أفادت نجية تزروت رئيسة شبكة الرابطة إنجاد في تصريح لـ”رسالة 24 ” أن ظاهرة العنف الرقمي تتنامى بشكل ملحوظ بالوسائط التواصلية بالمغرب. ويتمظهر هذا العنف الرقمي في أشكال متعددة مثل التنمر الإلكتروني، والتحرش عبر الإنترنت، والابتزاز والتهديدات، وغيرها من السلوكيات السلبية التي تؤثر على الأفراد، وخاصة النساء والشباب.
ويأتي على رأس أسباب انتشار العنف الرقمي في المغرب، نقص الوعي والتثقيف. فقلة التوعية حول العنف الرقمي وآثاره الخطيرة على الأفراد والمجتمع، يجعل العديد من الأشخاص لا يدركون أن تصرفاتهم عبر الإنترنت تصنف كسلوك عنيف.
زد على ذلك، الجهل القانوني. فأغلب الأفراد الذين يبحرون في النت لا يعرفون القوانين المتعلقة باستعماله. وهذا ما يجعل خرقها واستباحتها ممكنة.
وتعتبر تزروت أن التحولات والتغيرات السريعة التي لحقت المجتمع المغربي، والمتعلقة بالزيادة في استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، قد تساهم في تفشي سلوكيات سلبية لم تكن موجودة سابقً. فالتنمر ليس فرديا خالصا بل هو ذو حمولة ثقافية، إذ نجد أنّ بعض الثقافات تعزز من السلوكيات العدوانية، مما يؤدي إلى انتشار التنمر والتحرش عبر الإنترنت، كما أن سهولة الوصول إلى المعلومات والتواصل الرقمي عبر الإنترنت قد يعزز من سلوكيات العدوان، حيث يشعر البعض بأنهم محصنون من العواقب بسبب عدم وجود التفاعل وجها لوجه.
ولم تغفل المتحدثة العوامل والضغوط النفسية. فالتوترات الاقتصادية والاجتماعية قد تدفع بعض الأفراد إلى التنفيس عن غضبهم أو إحباطهم والتّعبير عنه بصورة سلبيّة من خلال سلوكيات عدوانية عبر الأنترنت.
كما تعتبر رئيسة شبكة إنجاد أن قلة الدعم النفسي والاجتماعي المتاح للضحايا يجعلهم عرضة لمحاولات متجددة من العنف الرقمي، فيشعر المعنفون بعدم القدرة على التصدي لهذه الظاهرة من يدفعهم إلى التطبيع معه.
أمّا على مستوى معالجة هذه المشكلة، فهي تتطلّب حسب تزورت جهودًا من المجتمع بأسره، بما في ذلك الحكومة، المدارس، الأسر، والمنظمات غير الحكومية، من أجل تعزيز الثقافة الرقمية الآمنة وتوفير الدعم للضحايا.
وبناء عليه، تؤكد الحقوقية على أن هذا النوع من العنف صار تحديًا كبيرًا يتطلب استجابة شاملة من الحكومة والمجتمع المدني. وتسعى العديد من المنظمات غير الحكومية إلى رفع الوعي حول مخاطر العنف الرقمي وتقديم الدعم للضحايا. كما أن هناك حاجة ملحة لتعزيز القوانين التي تحمي الأفراد من هذه الممارسات، وتوفير التدريب والتوعية للحد من هذه الظاهرة، ملفتة إلى أنه من الضروري أن تتكاثف الجهود في مكافحة العنف الرقمي، من خلال تعزيز ثقافة الاحترام والمساواة وتوفير بيئة آمنة على الإنترنت، وتنظيم حملات توعوية في المدارس والجامعات لتثقيف الشباب حول العنف الرقمي وآثاره على الضحايا وتقديم ورش عمل ودورات تدريبية للبالغين حول الاستخدام الآمن للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكدت المتحدثة على ضرورة تعزيز القوانين والتشريعات ومراجعة وتحديث القوانين المتعلقة بالعنف الرقمي لتشمل جميع أشكاله، وضمان وجود عقوبات رادعة للمعتدين. وتعزيز آليات الشكاوى والإبلاغ عن حالات العنف الرقمي وتسهيل الإجراءات للضحايا، وتوفير الدعم لهم بإنشاء مراكز دعم نفسية واجتماعية تقدم لهم المساعدة القانونية والنفسية.
وحثت الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التعاون مع المنظمات غير الحكومية، ناهيك عن تشجيع وسائل الإعلام على تغطية قضايا العنف الرقمي بطريقة مسؤولة، وتعزيز الرسائل الإيجابية حول الاستخدام الآمن للإنترنت واستخدام المنصات الإعلامية لنشر معلومات حول كيفية الإبلاغ عن العنف الرقمي وطرق الدعم المتاحة.