
إن تواجد الجامعات المغربية في رتب متأخرة في التصنيف الدولي للجامعات العالمية، والذي كان آخره مؤشر “AD Scientific” لسنة 2025، والذي لم تُصنف فيه أية جامعة مغربية ضمن المراكز لـ 1000 الأولى، واحتلت خمس جامعات مغربية فقط المراتب المتراوحة بين 1000 و2000، يشرع لطرح سؤال: من يتحمل مسؤولية هذه القهقرة؟ هل الدولة أم الحكومات المتعاقبة؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، ” رسالة 24 ” تواصلت مع عبد الناصر الناجي الذي استهل حديثه بكون المغرب يشترك في مجموعة من التصنيفات الدولية. لكن، القاسم المشترك بينها هو تذبذبه في المراتب المتأخرة.
والجديد في هذه السنة، يستطرد المتحدث، هو إدراج جامعة محمد السادس متعددة التقنيات في التصنيف، وتحصلها على مرتبة يمكن أن تعتبر أفضل من الجامعات الأخرى.
ويصف الخبير التربوي هذه المراتب ب ” غير المشرفة ” بالنسبة للمغرب، ويحمل المختص المسؤولية الأولى على عاتق الدولة التي لا توفر الشروط الملائمة لتتقدم هذه الجامعات في مراقي التصنيفات.
ويأتي على رأس هذه الشروط، توفير الإمكانات… فالكثير من الجامعات تعاني من ضعفها. والشاهد على ذلك هو مقارنة الجامعة العمومية بقرينتها الخاصة بالمغرب. هذه الأخيرة، لها إمكانات أفضل، إذ يكفي أن نعرف أن رأسمال جامعة محمد السادس متعددة التخصصات يعادل ضعف الميزانية المخصصة للتعليم العالي بالمغرب. وهذا ما يفسر احتلالها مراتب أفضل من الجامعات العمومية.
ويفيد المتحدث، أن هذه النتيجة ينبغي أن تخضع لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي لا تخضع له جميع القطاعات. ولا يشذ قطاع التعليم العالي عن ذلك. فالمسؤولون في التعليم العالي يقضون خمس أو ست سنوات، وبعد التمديد يمضون في سنوات التدريس دون محاسبة أو تقييم، بالرغم من أننا نتوفر على الوكالة الوطنية للجودة. لكن، هذه الأخيرة لا تقوم بواجبها فيما يتعلق بالتقييم. فالواجب الوحيد الذي تقوم به هو تقييم مسالك التقويم. ففي البداية، يُعطى الاعتماد للمؤسسات لتقوم بإدراج هذه التكوينات الجديدة في مسالك التقويم في غياب مراقبة أو محاسبة بعدية. وبالتالي، فغياب ثقافة التقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة يؤدي إلى الكثير من المخالفات والاختلالات في الجامعات التي تتراكم مع السنوات. وهذا يؤدي إلى ضعف على مستوى الإنجاز بالجامعات المغربية.
ويشير الخبير التربوي إلى مسألة أخرى وهي أن التصنيفات الدولية مرتبطة أيضا بالبحث العلمي. ومع الأسف يعاني في المغرب من صعوبات من بينها ماهو مرتبط بالإمكانات التي تم ذكرها في البداية، زد على ذلك جودة التكوين للأساتذة بمرحلة الدكتوراه، فهي التي تؤهل الأستاذ ليكون قادرا على البحث العلمي في مستويات عالية، مضيفا، أن مستوى الدكتوراه تراجع مقارنة بالسابق بسبب الضعف على مستوى جودة التكوين، الشيء الذي ينعكس سلبا على مؤهلات البحث في المغرب ولا يمكن من بلوغ مستويات عالية في البحث، فضلا عن الميزانية المخصصة للبحث العلمي التي تبقى ضئيلة مقارنة مع ما نطمح إليه في المرجعيات الوطنية المؤطرة للبحث العلمي. فمثلا، من ضمن طموحاتنا هو أن تكون الاعتمادات المخصصة للبحث العلمي تتجاوز 1.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب ،في حين هذه النسبة لا تكاد تصل إلى 0.7 في المائة.
وهناك اختلالات أخرى مرتبطة، حسب الأستاذ الناجي، بمجموعة من معايير جودة التعليم العالي، والتي لا يتم الالتزام بها، فضلا عن أن هذه المعايير غير محددة بشكل واضح ولايتم الالتزام بها ولا يتم تقييم مدى الالتزام بها. وبالتالي، يصبح مستوى التعليم العالي في تدن مع مرور السنوات.
ويختم الأستاذ الناجي أن التعليم العالي ضحية للمستوى المتدني للتعليم المدرسي، لأن المتخرج من التعليم المدرسي، والحامل لشهادة البكالوريا، والتي لم تعد لها القيمة المطلوبة، وحتى وإن كان ذلك بميزة حسن أو حسن جدا، فإن صاحبها لا يتمتع بالمستوى الذي يؤهله لمواصلة التعليم العالي بالجودة المطلوبة. ويستحضر الخبير التربوي مؤشر للبنك الدولي، الذي يقول بأن المستوى الحقيقي للحاصل على البكالوريا في المغرب لا يتجاوز السنة الأولى إعدادي.