
يذهب بعض الخبراء في الشأن الاقتصادي و السياحي إلى قراءات أخرى للأرقام الإحصائية التي تقدمها وزارة السياحة. فالأرقام تكشف تفاصيلا لا ينتبه لها إلا عين المختص. فبينما أفادت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بأن المغرب حطم رقمه القياسي باستقبال 17,4 مليون سائح في 2024.ليحقق بذلك المغرب إنجازا كبيرا وغير مسبوق خلال 2024، يسبق الهدف المنتظر في أفق 2026، قبل موعده المحدد بسنتين، يسجل رشيد ساري الخبير الاقتصادي عدة مؤاخذات على الرقم القياسي الجديد للسياحة بالمغرب، وذلك في حوار لـ”رسالة 24″ قائلا: صحيح أننا أزحنا مصر من عرش تصدر سلم عدد السياح الوافدين. ولكنها، تتفوق علينا من ناحية نسبة المداخيل المالية التي تسجلها السياحة المصرية التي وصلت إلى 14 مليار دولار.
وأوضح ساري أن نسبة 50 في المئة من الرقم القياسي المعلن عنه يتشكل من مغاربة العالم، ناهيك عن غياب التوازن على مستوى التوزيع السياحي على مستوى الزيارات لمدن المغرب، فمثلا مدينة فاس لم تسجل إلا 30 في المائة من إجمالي عدد ليالي المبيت، في الوقت التي تعد فيه مدينة تاريخية وعريقة… إلى جانب مدن أخرى تكاد تسجل 10 في المائة في من ليالي المبيت….في حين تقول تقارير دولية أن المغرب يمكن أن يستقطب 90 مليون سائح.
ويُعدد المحلل الاقتصادي الأسباب التي تدفع هؤلاء السياح إلى العزوف عن زيارة المغرب. ولعل أبرزها، التعرض للإستغلال والنصب من طرف بعض أصحاب الأجرة، والمحلات، والمطاعم والفنادق ….
وبناء عليه، يؤكد ساري على ضرورة التعامل مع هذا الرقم القياسي بحذر، باعتباره سلاح ذو حدين، فالرقم المقدم يشغل منه السياح الأجانب 50 في المائة فقط، والنصف الأخر يمثله بالخصوص مغاربة العالم. وبالتالي، هذا الرقم ليس معيارا دقيقا، ويظل شجرة تخفي وراءها غابة، لأن التفوق السياحي يقتصر على عدد الوافدين وليس على مستوى المداخيل المالية.
ويؤكد المحلل الاقتصادي أن الهدف المرجو هو تنمية المداخيل المالية. لهذا، لا بد من أن تعيد وزارة السياحة النظر في هذه الإحصائيات المقدمة، مستطردا: ” من غير المعقول إقحام مغاربة العالم في الرقم الإحصائي للسياح”.
ونبه المتحدث إلى أن مداخيل السياح بالمغرب في تراجع، وذلك لعدم الاجتهاد في البرنامج السياحية المخصصة للسائح. فالتركيز ينحصر في الفندقة، في حين يحتاج فيه السائح لبرامج ترفيهية متنوعة ومتكاملة.