
يمر الصراع في غزة بمرحلة حساسة بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، والذي أثار العديد من التساؤلات حول مدى قدرته على تحقيق تهدئة طويلة الأمد في المنطقة. هذا الاتفاق الذي يمتد لستة أسابيع، جاء نتيجة ضغوط دولية، ويهدف إلى توفير فرصة لمفاوضات قد تنقل المنطقة من حالة التوتر الدائم إلى استقرار مستدام. في هذا السياق، يسلط كمال الهشومي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، الضوء على أبعاد هذا الاتفاق، والتحديات التي تواجهه.
صرح كمال الهشومي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل خطوة مؤقتة تمتد لستة أسابيع تهدف إلى تهدئة الأوضاع وفتح المجال أمام مفاوضات قد تقود إلى وقف دائم للأعمال العدائية.
وأوضح أن هذا الاتفاق جاء نتيجة لتوازنات معقدة وضغوط دولية، مشيرا إلى أن إمكانية استمراره إلى ما بعد الفترة المحددة ترتبط بمدى نجاح الأطراف في تحقيق تقدم ملموس في المرحلة المقبلة.
الهشومي أكد في تصريح لـ”رسالة 24″، أن المرحلة الأولى من الاتفاق تتضمن وقفا شاملا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق السكنية ما يتيح فرصة لخلق بيئة أكثر استقرارا. ومع ذلك، حذر من أن هذه الهدنة المؤقتة لن تكون كافية لضمان سلام مستدام ما لم يتم معالجة الأسباب الجذرية للصراع مثل الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الاستيطان والانقسام الفلسطيني الداخلي.
ورغم أن الاتفاق يظهر التزاما أوليا من كلا الطرفين إلا أنه يواجه تحديات كبيرة تعيق تحقيق أهدافه بعيدة المدى. ففي الجانب الإسرائيلي، تتباين مواقف الأحزاب داخل الحكومة، حيث يعارض الأعضاء المتشددون أي خطوة يُنظر إليها على أنها تنازل لحركة حماس مما يضع رئيس الوزراء في موقف صعب بين الضغوط الداخلية والمطالب الدولية. وعلى الجانب الفلسطيني، تظهر حماس حذرا تجاه التزامات إسرائيل، خاصة فيما يتعلق باتفاق تبادل الأسرى والمساعدات الإنسانية وسط غياب الثقة المتبادل بين الطرفين.
وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن قضية تبادل الأسرى تبقى مسألة حساسة قد تؤثر على استمرارية الاتفاق. فالخشية من تراجع إسرائيل عن تنفيذ بنود التبادل بعد الإفراج عن جنودها المحتجزين تثير قلق الجانب الفلسطيني. وأضاف أن أي إخلال بالاتفاق قد يؤدي إلى تصعيد جديد يعيد المنطقة إلى دائرة العنف.
كما لفت الهشومي الانتباه إلى دور الولايات المتحدة في هذا الاتفاق، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية لعبت دورا محوريا في دفع الأطراف نحو التهدئة، رغم الانتقادات التي تواجهها بشأن انحيازها لإسرائيل ورأى أن التزام الولايات المتحدة بضمان استقرار الاتفاق يعكس رغبتها في استعادة نفوذها في المنطقة، إلا أن نجاح هذه الجهود يعتمد بشكل كبير على تعاملها المتوازن مع جميع الأطراف.
واختتم الهشومي بأن استدامة أي اتفاق في غزة تستلزم جهودا إقليمية ودولية حثيثة لمعالجة القضايا العالقة، وضمان توفير الظروف التي تمنع تجدد العنف. ورغم التحديات الكبيرة، فإن هذا الاتفاق المؤقت قد يشكل بداية طريق طويل نحو تحقيق الاستقرار، إذا ما أُحسن استغلاله.