
عجبا لأمر النظام الجزائري الذي ما يلبث ينكر علاقته بملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. فهو لا ينفك يصرح بأنه “ليس طرفا في النزاع”، ثم يبدأ، مباشرة، بإصدار البيانات الواحد تلو الأخر ضد مواقف القوى الدولية الداعمة لمغربية الصحراء، ناهيك عن وقوفه وراء حملات كيدية اتجاه المملكة المغربية.
ويفسر محمد سالم عبد الفتاح هذا الفصام الذي يعيشه النظام الجزائري، والذي يجعله يصدر مثل تلك البيانات ضد القوى الدولية الوازنة الداعمة لمغربية الصحراء، يفضح تورط النظام الجزائري في هذا النزاع المفتعل باعتبارها طرفا رئيسيا ومعنيا، كما يكشف عن احتراق ورقة المشروع الانفصالي الذي بات متجاوزا في سياق تطوارات النزاع المفتعل بحكم ردود الأفعال المسعورة التي تتصدى لواجهة المملكة في كافة الفعاليات الدولية ،بل ويصعد أيضا ضدها عبر البيانات التصعيدية والاصرار على غلق الحدود البرية والجوية وقطع العلاقات، كما امتد سعاره ليمس حلفاء المغرب وشركائه الاستراتيجين وداعميه فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
ويوضح رئيس المركز الصحرواي للإعلام وحقوق الإنسان أن التطورات التي عرفها ملف النزاع المفتعل حول الصحراء منذ 13 من نونبر 2020 كرست نبذ المشروع الانفصالي باعتبار احتراق كافة أوراق الضغط التي كانت في يد الجبهة الانفصالية، سيما ورقتي التهديد بالحرب المزعومة، و ورقة غلق المعبر، التي لم تعد تسمح لعناصر مليشيات الجبهة الانفصالية بالتواجد في منطقة الكركرات ولا حتى المناطق العازلة. وهو الأمر الذي بات يدفع بالجزائر إلى الكشف عن نياتها بوجه مكشوف، وليس فقط باعتبارها طرفا رئيسيا معنيا إنما أيضا باعتبارها طرفا مقوض للجهود والمساعي الحميدة التي يبذلها المغرب في المجتمع الدولي في الأمم المتحدة وجهود المبعوث الأممي الخاص، بحيث أن الجزائر مازالت ترفض الاستجابة للنداءات المتتالية الموجهة إليها من طرف الأمين العام الأممي سواء عبر تقارير الأمين العام الأممي ومجلس الأمن الدولي القاضية بضرورة المشاركة الجادة والفعالة في الطاولات المستديرة، وتواجه ذلك برفض التعاطي مع هذه النداءات الموجهة إليها وتتنكر لمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية باعتبارها طرفا رئيسيا معنيا بهذا النزاع المفتعل، وتلجأ إلى التصعيد العبثي الذي لا يقتصر على المملكة وإنما يشمل داعميها من القوى الدولية الوازنة.
ويفيد المتحدث أنه سبق للجزائر أن أقدمت على خطوات مشابهة ضد مدريد بعد قرار الحكومة الإسبانية بالاعتراف التاريخي بمغربية الصحراء. ولكن، لم تلبث الجزائر أن اضطرت إلى إعادة العلاقات وإعادة سفيرها إلى مدريد بعد فشلها في التأثير على الموقف الإسباني الداعم للمملكة الذي تجدد في أكثر من مناسبة.
ويعتقد الناشط الصحراوي أن الجزائر تعود اليوم إلى ممارسة نفس الخطوات التصعيدية ضد فرنسا ومن المستبعد أن يتأثر الموقف الفرنسي باعتبار هذا الأخير سياديا، تتشارك فيه كافة الهيئات والمؤسسات السيادية النابع من المصلحة الاستراتجية لفرنسا، والتي تتعاطى مع الأمر الواقع للأقاليم الجنوبية وتدعم المملكة باعتبار رهانها الاستراتيجي على الأدوار الريادية التي أصبح يضطلع بها المغرب في محيطه الإقليمي وفي عمقه القاري.
ويعتبر سالم عبدالفتاح أن القوى الدولية الداعمة للمملكة تنسجم مع الشرعية الدولية باعتبار تأطر هذا الملف ضمن مبادئ احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وأيضا بسبب التفاعل الإيجابي مع التطورات الميدانية والساسية الدبلوماسية التي يشهدها هذا الملف والتي تكرس حالة الحسم التي حققها المغرب على كافة المستويات من خلال بسطه لسيادته الكاملة على ترابه الإقليمي بما في ذلك الأقاليم الجنوبية من خلال تظافر مواقف القوى الدولية واتساع رقعة التأييد الدولي الذي تحظى به المملكة، الذي بات يشمل أكثر من مئة و ثلاثة عشر عضوا في الأمم المتحدة في قضية وحدتها الترابية إلى جانب أيضا افتتاح قنصليات لثلاثين بلدا في مدينتي العيون والداخلة. ويقابل حالة الحسم هذه، حسب المتحدث، تفكك المعسكر الداعم للانفصال وانهيار كبير يشهده المشروع الانفصالي إذ تتظافر مواقف الدول التي كانت تنخرط في هذا المشروع بتراجعها عنه عبر تجميد اعترافها وأخرها غانا وبنما و الإكوادور.