
يواجه مرضى الشقيقة تحديات خاصة خلال شهر رمضان، إذ تزداد نوبات الصداع النصفي في الأيام الأولى من الصيام مما يثير قلق الكثيرين حول كيفية التكيف مع التغيرات في النظام الغذائي ونمط الحياة خلال هذا الشهر الفضيل. في هذا السياق، أوضحت الدكتورة وفاء ركراكي، بروفيسورة في علم الأعصاب بالمستشفى الجامعي بالرباط، أن الصيام قد يؤدي إلى تفاقم نوبات الشقيقة لدى بعض المرضى خصوصا في بدايات الشهر نتيجة الامتناع عن بعض العادات الغذائية مثل شرب القهوة أو الشاي في الصباح. ومع ذلك، أكدت أن الجسم لديه قدرة كبيرة على التأقلم ومع مرور الأيام، يعتاد الصائم على التغيرات الجديدة، مما يقلل من احتمالية حدوث النوبات.
بحسب الدكتورة ركراكي، هناك عدة عوامل تساهم في زيادة احتمالية حدوث نوبات الشقيقة أثناء الصيام، من أبرزها الامتناع عن الكافيين، حيث يعد التوقف المفاجئ عن استهلاك القهوة أو الشاي أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى نوبات الصداع النصفي في الأيام الأولى من رمضان. كما أن اضطراب النوم يعد من العوامل المحفزة لنوبات الشقيقة، إذ أن السهر الطويل والتأخر في النوم يؤثران بشكل مباشر على الجهاز العصبي، ما يزيد من احتمالية حدوث النوبات. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الامتناع عن الطعام لساعات طويلة إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، الأمر الذي يعتبر محفزا رئيسيا لنوبات الصداع النصفي لدى البعض. كما أن عدم شرب كميات كافية من الماء خلال فترة الإفطار يؤدي إلى الجفاف، وهو عامل آخر قد يزيد من شدة نوبات الشقيقة.
ولتجنب هذه الأعراض أو التخفيف من حدتها، تنصح الدكتورة ركراكي بضرورة تناول السكريات المركبة خلال وجبة السحور، مثل الخبز الكامل والسميد، وذلك للحفاظ على استقرار مستوى السكر في الدم لفترة أطول، مما يقلل من خطر الهبوط الحاد. كما توصي بشرب القهوة أو الشاي خلال السحور للأشخاص المعتادين على استهلاك الكافيين في الصباح، حتى لا يتعرضوا لنوبات الصداع الناتجة عن الانقطاع المفاجئ عنه كذلك، من الضروري الحفاظ على عدد ساعات كافية من النوم وتجنب السهر الطويل، إذ أن قلة النوم تعد من المحفزات القوية لنوبات الشقيقة. ولا يقل شرب الماء أهمية عن غيره من التدابير الوقائية حيث يجب الحرص على تناول كميات كافية من السوائل بين الإفطار والسحور لتجنب الجفاف الذي قد يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث النوبات.
بالنسبة للمرضى الذين يعتمدون على الأدوية للسيطرة على الشقيقة، تشدد الدكتورة ركراكي على أهمية الالتزام بالجرعات الموصوفة من قبل الطبيب مع إعادة توزيعها لتتناسب مع أوقات الصيام. يمكن تناول الأدوية المضادة للشقيقة خلال وجبتي السحور والإفطار لضمان استمرار فعاليتها خلال النهار وفي حال حدوث نوبة صداع شديدة أثناء الصيام، تنصح باستخدام الأدوية المسكنة على شكل تحاميل بدلا من الانتظار حتى موعد الإفطار لتناول الدواء عبر الفم، لأن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم النوبة وزيادة حدتها. كما أن النوبات القوية قد تكون مصحوبة بحالة من الغثيان والقيء، مما قد يجعل تناول الأدوية عن طريق الفم غير فعال. وفي الحالات الأكثر حدة، حيث لا تكون العلاجات المعتادة كافية للسيطرة على الألم، فقد يكون من الضروري اللجوء إلى حقن مسكنة تعطى عبر الوريد داخل المصحة لضمان تخفيف الأعراض بسرعة وكفاءة.