آخر أخبارحوارات

المهندسة سليمة الناجي لـ “رسالة 24”: فلسفتي الهندسية تهدف إلى تعزيز العمارة المستدامة و الالتزام بحماية غنى التراث المغربي

هي مثال للمرأة المغربية المجتهدة، شقت طريقها بتفان وعزم كبيرين، أعمالها تعكس فلسفتها في الحفاظ على العمارة لخدمة الصالح العام. حازت على العديد من التكريمات و الجوائز الوطنية والدولية، والتي كان آخرها تتويجها بالميدالية الذهبية الكبرى من الأكاديمية الفرنسية للهندسة المعمارية. إنها سليمة الناجي، الاسم الذي يتألق وسط النساء المغربيات اللواتي تشرفن الوطن في أرقى المحافل الدولية.

بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة، والذي يصادف الثامن من شهر مارس، كان ل”رسالة 24″ شرف إجراء حوار شيق مع المهندسة المعمارية المتميزة سليمة الناجي.

بداية، من هي سليمة الناجي ؟

مهندسة معمارية ، باحثة في الأنثروبولوجيا، وكاتبة ومتخصصة في مجالات إعادة الترميم و البناء الجديد. درست الفنون في باريس و حصلت على شهادة الماستر بين عامي 1994 و 1996 ، ثم تخرجت من مدرسة الهندسة المعمارية بباريس-لافيليه سنة 2002. كما أنني حاصلة على دكتوراه في الأنثروبولوجيا بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس سنة 2008.

ماهي المشاريع التي ساهمت في تتويجك بهذه الميدالية الذهبية ؟

لا بد أن أؤكد في البداية أن المملكة هي من حظيت بالتكريم، نظرا لأنها الجائزة الأولى على الصعيد الإفريقي. وإنه لشرف كبير أن ينضم اسمي لقائمة المهندسين المعماريين الفائزين بالميدالية الذهبية، و هي قائمة رائعة تضم 25 مهندسا معماريا من البارزين في السنوات الستين الماضية من جميع أنحاء العالم. و إنه لفخر كبير أيضا أن أكون خامس امرأة تتوج بها.

أما بالنسبة للمشاريع، ومنذ سنة 2004، أنجزت حوالي ثلاثين مبنى ترابيا و حجريا في المناطق القاحلة و شبه قاحلة جنوب المغرب، وهي نبات استعملت فيما بعد كمراكز ثقافية، مدارس، مراكز أمومة ووحدات إنتاجية… وذلك باستخدام مواد البناء المستدامة، ناهيك عن المشاريع البارزة الأخرى مثل سوق طبلبة بتغجيجت ، متحف مدينة تيزنيت، قصبة أكادير أوفلا و منصة استقبالها المقاومة للزلازل، فيلا كارل فيك بالدار البيضاء بالإضافة لڤيلتين استعماريتين بالرباط.

ماذا تمثل لك هذه الميدالية النوعية؟

أظن أن أهم شيء هو الشعار الذي أكد عليه الأكاديميون في حفل التتويج: “المعماري الذي يبني، وفي نفس الوقت لديه طريقة تفكير فريدة في عالم اليوم”. لذا، فان هذه الميدالية تمثل تتويجا لجهودي المستمرة، والتي كرستها منذ 20عاما كمهندسة معمارية.

وبالنسبة لي، لا توجد مشاريع كبيرة وأخرى صغيرة، لأن من حق الجميع الحصول على عمارة جيدة حتى ولو كانوا فقراء. فأنا لا آخد التسلسل الهرمي الطبقي في الاعتبار، و لا أكترث للفوارق الاجتماعية. فالكل يعرف بأن عملي يتوجه للجميع من أجل تعزيز العمارة المستدامة و الالتزام بحماية التراث المغربي الغني.

ماهو السر وراء تميز هذه المشاريع ؟

السر هو الهجنة القائمة على الخلفية متعددة التخصصات، ومشاربها الفن و الهندسة المعمارية و الأنثروبولوجيا التي ساهمت في تميز النهج الذي أتخذه، فهو يجمع بين الجماليات و الإتقان التقني و الاقتصاد في استخدام المواد و الرغبة في الانسجام مع ثقافة المجتمعات المحلية و احترام التنوع الثقافي لسائر المجتمعات الأخرى.

كيف تساهم مشاريع سليمة الناجي في تطوير هندسة المعمار بالمغرب ؟

لطالما طرحت على نفسي سؤالا: كيف أكون متحركة بعملي في قضايا العصر؟ و انطلقت للإجابة عنه من احتياجات العالم اليوم. والتي تحمل في التخلص من الكربون في ظل تحديات التغير المناخي و ندرة المياه. فالتحديات الراهنة لا تقتضي التفكير في تطوير مكيف الهواء أو غيره بل يجب أن نراجع طرق البناء لأن قطاع البناء هو أكبر ملوث في المغرب. لذلك، نحن بحاجة إلى التفكير في المواد المحلية و فاتورة الطاقة بأكملها بدل من أن نكون أنانيين و غير واعين و نكتفي بدور المتفرج على كل هذه الأزمات المناخية دون أن نحرك ساكنا.

إن كل عمل من أعمالي فيه مسحة إنسانية هي انعكاس للتكنولوجيا و الابتكار بالمعنى النبيل الذي يقوم بتحسين حياة سائر الناس. فعلى سبيل المثال لا الحصر ، إن التقنيات المقاومة للزلازل المستخدمة في أكادير مستوحاة من نموذج الأطلس الكبير المقاوم للزلازل ، وهي حديثة للغاية.

لماذا اخترت جنوب المغرب بالرغم من أنك ابنة مدينة الرباط ؟

إن مقر عملي في القنيطرة وهي قريبة من مسقط رأسي بمدينة الرباط. لكن، وبعد تعرضي لحادثتي سير بين عامي 2007 و 2008، قبل بناء الطريق السيار لأكادير، بسبب تنقلاتي الكثيرة لمواقع بناء المشاريع التي كنت أشرف عليها و المتواجدة في عدة مدن على صعيد المملكة : الرباط ، فاس ، الدار البيضاء و مراكش بالإضافة إلى المشروع الكبير أسا و مشاريع المخازن الجماعية لأكادير أوزرو ….!لخ، كان من الحكمة أن يكون لدي مقر في تيزنيت خاصة و قد تلقيت دعوة من الأستاذ المحامي الكبير الأستاذ أوعمو عمدة المدينة و الجهة في تلك الفترة من أجل العمل في قصبة أغناج و متحف المدينة و الجهة. ومع ذلك، لا يزال لدي مشاريع في الدار البيضاء. فقد قمت للتو بتسليم الفيلا و حديقة كارل فيك 1912، والتي تعد واحدة من أوائل القصور الاستعمارية التي بنيت على الأراضي المغربية، وذلك بعد أن تمت عملية إعادة تأهيل استثنائية تجمع بين الحداثة و الماضي المعقد لهذه المعلمة، كما ساهمت أيضا في مشاريع أخرى في منطقة الحوز.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock