
على مدار السنوات الأخيرة، استطاعت السيناريست المغربية بشرى ملاك أن ترسخ اسمها في الساحة الدرامية الرمضانية، حيث باتت أعمالها جزءا لا يتجزأ من التجربة التلفزيونية. بأسلوبها السلس والمبني على حبكة درامية متماسكة، تنجح في جذب الجمهور من خلال قصص تعكس نبض المجتمع وتتناول مواضيع تلامس مشاعر الناس وتفاصيل حياتهم اليومية. ومع كل عمل جديد، تثبت قدرتها على تقديم محتوى درامي غني ومتنوع يجمع بين التشويق، البعد الإنساني، تعود بشرى ملاك هذا الموسم بعملين جديدين: “رحمة” و”يوم ملقاك”، واللذين يعرضان عبر قناة MBC5 ومنصة شاهد. في هذا الحوار ستقربنا السيناريست بشرى ملاك من مسلسل “رحمة”.
بعد تحقيق المسلسل لنسب مشاهدة قياسية، هل كنت تتوقعين هذا النجاح الكبير؟
النجاح في أي عمل فني لا يترك للصدفة، بل هو نتاج عمل دؤوب وتخطيط دقيق. منذ البداية، كنا مدركين أن لدينا قصة مؤثرة وفريق عمل متكامل، بدءا من الإنتاج، مرورا بالإخراج والسيناريو، وصولا إلى اختيار الممثلين. اجتهدنا جميعا لوضع كل مقومات النجاح، والحمد لله، جاءت النتيجة مرضية واستطعنا أن نصل إلى قلوب الجمهور.
ما الذي دفعك لتسليط الضوء على قضايا المرأة المعنفة والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟
لطالما كنت مهتمة بالقضايا الاجتماعية، ووجدت أن الدراما المغربية لم تمنح بعد الاهتمام الكافي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. صحيح أن المجتمع المدني والجمعيات والجهات الرسمية تقوم بجهودها، لكنني أردت أن أركز على الدور الأسري على التحديات التي تواجهها الأمهات داخل بيوتهن، ليس فقط من الناحية المادية، بل من الناحية العاطفية أيضا. هؤلاء الأطفال بحاجة إلى الحب والتقدير قبل أي شيء آخر. في المسلسل، قدمت نموذجا لأم مناضلة تحدت كل الظروف لتربية أطفالها ونجحت في تنشئة طفلها من ذوي الاحتياجات الخاصة ليصبح شخصا واثقا بنفسه موهوبا، ومحبا للحياة لأنه نشأ وسط بيئة مليئة بالمحبة والدعم.
ما الرسائل الأساسية التي حرصتِ على إيصالها من خلال “رحمة”؟
الرسالة الأولى تتجلى في عنوان المسلسل نفسه “رحمة”، الذي يعكس جوهر العمل: الرحمة بالآخرين، وخصوصا بذوي الاحتياجات الخاصة. أما الرسالة الثانية، فهي موجهة للمرأة المغربية، لأقول لها: كوني قوية، لا تجعلي نفسك عالة على أحد، بل اثبتي ذاتك، وحققي استقلاليتك، لأن لكِ مكانة مهمة في المجتمع.
كيف تعاملت مع بناء الشخصيات؟ وهل واجهت تحديات في تطويرها؟
عملية بناء الشخصيات كانت دقيقة جدا واستغرقت وقتا طويلا، لأنني لا أؤمن بالشخصيات المسطحة. كل شخصية في المسلسل لها ماض ولها دوافع نفسية شكلتها فأنا أرى أن تصرفات الإنسان هي انعكاس لما عاشه سابقا لذا، حرصت على أن تكون لكل شخصية أبعادها العميقة بحيث تبدو واقعية ويشعر بها المشاهد. كما أنني لم أُميز بين أدوار البطولة والأدوار الثانوية بل تعاملت مع كل شخصية كعنصر أساسي في القصة، لأنني أؤمن بأن كل شخص في الحياة يحمل حكايته الخاصة.
من أين تستمد بشرى ملاك أفكارها في الكتابة؟
أنا شخص اجتماعي بطبيعتي، أستمع للناس وأرصد مشاكلهم وأحب قراءة الكتب التي تعمق فهمي للواقع. أهتم بالشأن الاجتماعي وأستلهم أفكاري من الحياة اليومية من الشارع ومن القصص الحقيقية التي تمر من حولي. أؤمن أن الدراما يجب أن تكون مرآة للمجتمع، وهذا ما أسعى إليه في كل أعمالي.