
في الآونة الأخيرة، عاد داء السل اللمفاوي ليثير المخاوف في المغرب، بعدما تم تسجيل حالات متفرقة دفعت رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى دق ناقوس الخطر، خاصة في ظل تداول واسع لتحذيرات من استهلاك الحليب غير المبستر. هذا النوع من السل الذي يصيب العقد اللمفاوية يعد من الأشكال الأقل شهرة من المرض، لكنه لا يقل خطورة عن السل الرئوي إذ يتطور في صمت بسبب والعادات الغذائية غير الآمنة حيث تزايدت الدعوات إلى الحذر بعد الربط بين بعض الإصابات واستهلاك منتجات ألبان ملوثة ببكتيريا السل البقري، التي قد تنتقل إلى الإنسان.
يحدث السل اللمفاوي نتيجة إصابة العقد اللمفاوية ببكتيريا السل، وقد تصل هذه الجراثيم إلى العقد إما عن طريق الدم، أو اللمف، أو نتيجة انتشار مباشر من بؤرة أولية في الجسم “كالرئة، أو العظام”. وغالبا ما تكون الإصابة مزمنة وبطيئة التطور.
العلاج متاح، لكن الوصول إلى الشفاء يتطلب صبرا والتزاما، إذ يتناول المريض مضادات حيوية لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وغالبا ما تطول الفترة حسب الحالة، مع ما يرافق ذلك من آثار جانبية مرهقة مثل الغثيان واعتلال الكبد. كثيرون يتوقفون عن العلاج فور تحسن الأعراض، فيظنون أنهم تعافوا، غير مدركين أنهم يفسحون المجال لعودة المرض بشكل أشد شراسة، بعد أن تكون البكتيريا قد طورت مقاومة للأدوية.
وتشير الإحصاءات إلى أن 10 بالمئة من حالات السل في العالم تقع خارج الرئة، ونسبة كبيرة منها تكتشف في مراحل متأخرة بسبب ضعف الوعي الطبي. في هذا السياق، صرح البروفيسور جمال الدين البوزيدي، أخصائي الأمراض الصدرية والحساسية والمناعة ورئيس العصبة المغربية لداء السل، لـ “رسالة 24″، قائلا إن داء السل يمثل تهديدا خطيرا للصحة العامة، ويشدد على ضرورة التزام المرضى بتناول الدواء صباحا قبل الإفطار دون انقطاع، محذرا من أن التهاون يؤدي إلى ظهور المقاومة الدوائية التي تنقل المرض إلى مراحل أكثر تعقيدا وخطورة.
البروفيسور البوزيدي استحضر أيضا تاريخ المغرب في مكافحة السل، مستشهدا بالمجهودات التي بذلها الملك الراحل محمد الخامس، حين حول مجموعة من الثكنات العسكرية إلى مستشفيات متخصصة لعلاج المرضى معبرا عن أسفه لإغلاق عدد من هذه المنشآت في العقود الأخيرة. كما دعا وزارة الصحة إلى تحمل مسؤولياتها بشكل كامل، عبر توفير الأدوية الضرورية في الوقت المناسب، وتجهيز المراكز الصحية بما يلزم لصد هذا العدو الصامت قبل أن يستفحل.
وفي هذا السياق أكد مصدر من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أن “جميع منتجات الحليب بمختلف أصنافها القادمة من وحدات إنتاج مرخصة تخضع لنظام مراقبة دقيق من قبل المكتب، مما يضمن أنها لا تشكل أي تهديد لصحة المستهلك”.
وأشار المصدر إلى أن “المنتجات المستوردة من وحدات أو مؤسسات غير مرخصة صحيا من قبل المكتب، أو التي يتم تسويقها خارج المسار الخاضع للرقابة، قد تكون لها آثار سلبية على صحة المستهلك”.
كما دعا إلى تجنب استهلاك منتجات الحليب القادمة من وحدات غير مرخصة صحيا، موضحا أنه “من السهل التمييز بين المنتجات السليمة من خلال المعلومات الصحية الواردة على العبوة، وخاصة الرقم الخاص بالترخيص الممنوح من قبل أونسا ومعلومات إضافية موجودة على ظهر العبوة”.