
في خطوة تاريخية، أعلن الاتحاد الدولي للسكري “IDF” عن تصنيف نوع جديد من داء السكري ضمن قائمة الأنواع المعترف بها رسميا، وهو ما يُعرف بـ”سكري النضج المبكر المرتبط بسوء التغذية” (Malnutrition-Related Diabetes أو MRD)، ويعد هذا الإعلان تطورا كبيرا في فهم أحد أشكال المرض الذي ظل لعقود محاطا بسوء التشخيص والإهمال البحثي.
هذا الشكل النادر من السكري يصيب بشكل رئيسي المراهقين والشباب في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ويتميز بظهوره لدى مرضى نحفاء لا يعانون من السمنة أو أنماط الحياة غير الصحية، بل يعانون من نقص حاد في التغذية يؤثر مباشرة على قدرة البنكرياس على إفراز الأنسولين.
الدكتورة ميريديث هوكينز، أستاذة الطب بكلية ألبرت أينشتاين الأمريكية، أكدت أن “الاعتراف الرسمي بهذا النوع من السكري هو خطوة ضرورية طال انتظارها لفهم آلاف الحالات التي لم تشخص بشكل صحيح”. وأضافت: “المرضى غالبا ما يفترض خطأ أنهم يعانون من النوع الأول من السكري بسبب النحافة وصغر السن، فيعالجون بالأنسولين، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية خطيرة، قد تصل في بعض الحالات إلى انخفاض قاتل في مستوى السكر في الدم”.
تعود جذور الجهود البحثية لفهم هذا النوع من السكري إلى عام 2010، حين بدأ “معهد أينشتاين العالمي للسكري” دراسة معمقة حول الظاهرة، ليصل في عام 2022 إلى تأكيد علمي قاطع يثبت تميز هذا النوع عن السكري من النوع الأول أو الثاني.
من جانبه، أوضح البروفيسور نيهال توماس، أستاذ الغدد الصماء في كلية الطب المسيحية بالهند وعضو اللجنة العلمية للاتحاد الدولي للسكري، أن “المرض ناجم عن خلل في خلايا بيتا المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، وغالبا ما يؤدي التشخيص الخاطئ إلى عواقب صحية وخيمة نتيجة المعالجة غير المناسبة”.
وجاء الاعتراف الدولي عقب تصويت رسمي أجري في مؤتمر الاتحاد الدولي للسكري المنعقد في بانكوك، تايلاند، يوم 8 أبريل 2025، ما يمهد الطريق لتطوير استراتيجيات علاجية وأبحاث سريرية مخصصة لهذا النوع.
الخبراء يحذرون من أن الاستمرار في وصف الأنسولين لهؤلاء المرضى دون فهم دقيق لحالتهم قد يكون أكثر ضررا من غيابه، مؤكدين أن هذا الاكتشاف العلمي يمثل تحولا نوعيا في مسار مكافحة داء السكري عالميا، خاصة في البيئات الفقيرة التي تعد الأكثر تأثرا بهذه الحالة المهملة.