آخر أخباردراسةمستجدات

اكتشاف إسباني يكشف آلية خفية تمنح الخلايا السرطانية طاقة إضافية للبقاء تحت الضغط

تمكن فريق بحثي من مركز تنظيم الجينوم بمدينة برشلونة من تحقيق اختراق علمي قد يفتح آفاقاً جديدة في فهم مقاومة الخلايا السرطانية للعلاج. فقد كشفت الدراسة التي نشرتها مجلة “Nature Communications” عن آلية غير مسبوقة تلجأ إليها الخلايا السرطانية عندما تواجه ضغوطا ميكانيكية داخل الجسم، إذ تعيد تنظيم مكونات الطاقة بداخلها بشكل سريع يمكنها من البقاء على قيد الحياة.

وأوضح العلماء أن الخلايا السرطانية، عند تعرضها للضغط، تطلق شحنات مفاجئة من الطاقة الحيوية، إذ تتحرك الميتوكوندريا وهي المصدر الرئيسي لإنتاج الطاقة في الخلايا نحو نواة الخلية، لتزويدها بجرعات مكثفة من جزيئات أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP). هذا التدفق المفاجئ للطاقة يساعد الخلية على إصلاح الأضرار التي تصيب الحمض النووي نتيجة الإجهاد، ويمنحها قدرة إضافية على الاستمرار في النمو والانقسام.

واعتمد الباحثون في تجاربهم على تقنية مجهرية متقدمة مكنتهم من ضغط الخلايا حتى أصبح عرضها لا يتجاوز ثلاثة ميكرونات، أي ما يعادل جزءا ضئيلا من قطر الشعرة البشرية. وخلال ثوان من بدء عملية الضغط، لوحظ أن الميتوكوندريا تتحرك باتجاه سطح نواة الخلية وتبدأ بإطلاق ومضات من الطاقة، سجلت المستشعرات الفلورية زيادتها بنسبة تجاوزت 60 بالمائة خلال لحظات.

وأشارت الباحثة سارة سيدلشي إلى أن هذه النتائج تغير التصور التقليدي لدور الميتوكوندريا، مؤكدة أنها لا تعمل فقط كمولد طاقة ثابت، بل تتفاعل ديناميكيا مع الظروف المحيطة بالخلية لتوفير الدعم اللازم في الحالات الحرجة. وأظهر الفريق أن هذا السلوك لوحظ في 84 بالمائة من الخلايا السرطانية التي خضعت للضغط، ما دفعهم إلى إطلاق اسم “الميتوكوندريا المرتبطة بالنواة”  على هذه الظاهرة.

وللتأكد من العلاقة بين تجمع الميتوكوندريا ودفقات الطاقة، أجرى العلماء تجربة أخرى استخدموا فيها مادة لاترونسولين التي تذيب خيوط الأكتين المسؤولة عن تثبيت الميتوكوندريا حول النواة. وبمجرد تعطيل هذه الشبكة البروتينية، اختفت تجمعات الميتوكوندريا وتوقفت الخلايا عن إطلاق الطاقة الإضافية، ما أدى إلى إضعاف قدرتها على إصلاح الحمض النووي ومن ثم على البقاء.

ويرى الباحث فابيو بيزانو أن هذا الاكتشاف قد يشكل نقطة تحول في تطوير علاجات جديدة تستهدف استجابة الخلايا السرطانية للضغوط الميكانيكية، عبر تعطيل مسارات الطاقة دون إتلاف الميتوكوندريا نفسها. أما الطبيبة فيرينا روبريشت، فأكدت أن فهم “الاستجابة الميكانيكية” للخلايا السرطانية يمثل أحد المفاتيح غير المستكشفة في علم الأورام، مشيرة إلى أن هذه النتائج يمكن أن تستخدم لتطوير استراتيجيات تمنع انتشار الأورام في الأنسجة السليمة.

ويعتقد فريق البحث أن الظاهرة المكتشفة لا تقتصر على الخلايا السرطانية فحسب، بل تشمل جميع أنواع الخلايا الحية التي تتعرض للضغط داخل الجسم، مثل الخلايا المناعية أثناء نشاطها في العقد الليمفاوية أو الخلايا الجنينية خلال مراحل تكون الجنين. وتخلص سيدلشي إلى أن هذه الدراسة “تمنحنا فهما أعمق لكيفية حفاظ الخلايا على سلامة الجينوم في بيئات قاسية، وقد تحدث تحولا جذريا في طريقة التفكير بعلم الأحياء الخلوي والعلاجات المستقبلية للسرطان”.

اظهر المزيد

Rissala 24

مدخل الخبر اليقين
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock