آخر أخبارسياسة

مجلس المنافسة يرصد تحقيق “مختبرات كورونا” لأرباح “خالية” من “أنوف المغاربة”

كشف مجلس المنافسة في دراسة أنجزها حول “تحليل وتتبع تطور وضعية سوق فحوصات كوفيد 19 بالمغرب”، عما اعتبره “هوامش ربح كبيرة” حققتها المختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية، على الرغم من تسقيف أسعار هذه الفحوصات من طرف الحكومة، في شتنبر من السنة الماضية.
وجاء في الدراسة، التي اطلعت “رسالة 24” على نسخة منها، أنه “مع الظروف الحالية وبعد تسقيف أسعار الفحوصات من قبل الحكومة، تواصل المختبرات الخاصة تحقيق هوامش ربح عالية للغاية”، مشيرة إلى أن هذه الهوامش تختلف “حسب حجم المختبر وعدد الفحوصات المنجزة وقيمة استثمار كل مختبر”.
وأوردت الدراسة أن “المختبر الخاص الذي يقوم بإجراء الفحوصات الخمس المصرح بها، وهي تقنية ” RT-PCR” التقليدية، وتقنية ” RT-PCR ” السريعة، وفحص المستضد، والفحص المصلي السريع النوعي أو الكمي، والفحص المصلي الآلي، يمكنه أن يحقق نتيجة صافية من الأرباح تقدر بأكثر من مليون و732 ألف درهم”.
وبحسب المعطيات المتضمنة في الدراسة، فإن هذا المختبر يمكنه أن يحقق ربحا صافيا على مدى عام يناهز 952 ألف درهم، وذلك في حال إنجازه لـ1250 فحصا في الشهر، و50 فحصا في اليوم، وبمتوسط هامش ربح يناهز 63 درهما.
أما بالنسبة لفحص “بي سي آر” السريع، فقد يصل الربح السنوي لدى هذا المختبر إلى 295 ألف درهم، بمتوسط 625 فحصا في الشهر، و25 فحصا في اليوم، و39 درهما، كمتوسط هامش ربح في الفحص الواحد.
وباحتساب فحص “مستضيد”، وبمتوسط 615 فحصا في الشهر، وهامش ربح بمبلغ 50 درهما للفحص الواحد، فإن الربح الصافي على مدى عام قد يتجاوز 382 ألف درهم، تؤكد الدراسة، التي نقلت عن بعض الشركات التي تم الاستماع اليها، قولهم إن بعض المختبرات الخاصة حققت هوامش ربح أعلى، نظرا لاختيارها لكواشف ومعدات التشخيص الأقل تكلفة، أو تم الحصول عليها مجانا في بعض الأحيان، في إطار مفاوضات الشراء مع مستوردين معينين”.
الدراسة توقفت بتفصيل عند تكلفة كل فحص على حدة، لافتة إلى أن سعر تكلفة فحص ” PCR ” التقليدي يعتمد بشكل كبير على ثمن الكواشف والمواد الاستهلاكية الطبية بمعدل 38 في المائة بالنسبة للسعر الأدنى للتكلفة، و 61 في المائة بالنسبة للسعر الأقصى، موضحة أن حصة ثمن الكاشف وحده يتراوح ما بين 13 في المائة بالنسبة الكاشف المنتج محليا، و 37 في المائة بالنسبة للكاشف المستورد.
وتابعت “أنه على الرغم من تسقيف أسعار الفحوصات في شتنبر 2021 ، تواصل المختبرات الخاصة تحقيق هوامش ربح معقولة نسبيًا، تتراوح ما بين 12 إلى 115 درهما، مع مراعاة المصاريف المتعلقة بالمستخدمين واهتلاك المعدات والإعداد، والتي ينبغي أن تنخفض مع زيادة عدد الفحوصات في اليوم موازاة مع أنواع أخرى من الفحوصات التشخيصية من قبل نفس المختبر”.
وفيما يتعلق بفحص ” PCR ” السريع، كشف حساب تكلفة هذه الخدمة أن نسبة 80 في المائة من التكلفة المقدرة تتعلق بسعر الكاشف المستورد، فيما تظل هوامش الربح، معقولة، بحسب المجلس، حيث تتراوح ما بين 37 و 41 درهما.
وبالنسبة لعمليات التشخيص عن طريق فحوصات المستضدات، فقالت الدراسة إن “اللجوء إلى المنتجات الآسيوية يمكن من تحقيق هامش ربح يتراوح ما بين 38 و 64 درهما”، مشيرة إلى أن أسعار هذه الكواشف انخفضت بنسبة تتراوح ما بين 13 و 24 في المائة، وبين فترتي ما قبل وما بعد قرار تسقيف أسعار الفحوصات.
وفيما يرتبط بالفحوصات المصلية الآلية، أتاح الانخفاض بنسبة 24 في المائة في أسعار الكواشف ضمان هامش ربح يتراوح من 25 إلى 60 درهما، حيث تمثل حصة الكواشف والمواد الاستهلاكية نسبة 36 في المائة من سعر تكلفة هذه الفحوصات.

توزيع جغرافي غير متكافئ

من جانب آخر، كشف التحليل التنافسي الذي قام به المجلس، أن الفاعلين الخواص في سوق تشخيص الإصابة بفيروس كوفيد- 19 والكشف عنها “لا يتواجدون بنفس الكثافة في جميع الجهات، مما يحد من إمكانية ولوج المواطنين إلى الفحوصات في جهات معينة”.
ويشير التوزيع الجهوي للمختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية المرخص لها بتشخيص الفيروس، وكذلك عدد الفحوصات المنجزة في القطاع الخاص بنسب متفاوتة بين الجهات والتي لا تتجاوز 31 في المائة من مجموع الفحوصات المنجزة منذ بداية الجائحة، إلى مدى هيمنة القطاع العام.
كما سلطت الدراسة الضوء على التركيز العالي للمختبرات على مستوى جهات معينة، وتوزيع غير متكافئ للفحوصات المنجزة على المستوى الوطني.
وإلى غاية متم فاتح دجنبر 2021 ، بلغ عدد المختبرات المرخص لها إجراء فحوصات كوفيد- 19، 269 مختبرا، أي ما يمثل 35 في المائة من المختبرات على الصعيد الوطني.
ووفق ما أكده المجلس في دراسته، فإن 85 في المائة من هذه المختبرات متمركزة في 4 جهات، تشمل الدار البيضاء – سطات، الرباط – سلا – القنيطرة، وطنجة – تطوان – الحسيمة، ومراكش – آسفي، مبرزا أن هذه المختبرات أنجزت 77.1 في المائة من العدد الإجمالي للفحوصات. في حين تعاني بقية الجهات من “نقص في عدد المختبرات الخاصة، حيث لا يتجاوز عددها 15 من مجموع المختبرات الخاصة المرخص لها على المستوى الوطني”.
وبعد قرار تسقيف أسعار فحوصات كوفيد- 19، تشير الدراسة، شهدت السوق تطورا ملحوظا فيما يتعلق بعدد المختبرات الخاصة المرخص لها، يتجلى في ولوج 69 مختبراً خلال الأشهر الثلاثة التي أعقبت هذا التسقيف، بنسبة تطور بلغت 41 في المائة خلال الفترة الممتدة بين فاتح شتنبر وفاتح دجنبر من سنة 2021 .
وأكدت الدراسة أنه على الرغم من هذه الوتيرة التصاعدية، إلا أن العدد الإجمالي للمختبرات الخاصة المرخص لها لا يتجاوز 41 في المائة من مجموع المختبرات، وهو ما يمثل أقل من مختبر واحد لكل 100 ألف مواطن.
بالإضافة إلى ذلك، تم سحب الاعتماد من عدة مختبرات، لاسيما المتواجدة، بجهات فاس-مكناس والدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي، من الشبكة بسبب إجرائها لعمليات تشخيص باستخدام تقنية الفحص الجزيئي.
وكشفت الدراسة أن هذا القرار اتخذ بعد التفتيش السري الذي أنجزته اللجنة المكونة من أعضاء المعهد الوطني للصحة والمديريات الجهوية للصحة.

11 مليون فحص

وفي هذا السياق، دعا المجلس إلى إيلاء أهمية لتحسين شروط ولوج مؤسسات القطاع الخاص إلى شبكة تشخيص الإصابة بفيروس كوفيد- 19 ، والعمل على تنفيذ تدابير محفزة لتمكين هذا القطاع من المساهمة بشكل فعال في كبح ظهور متحورات جديدة للفيروس.
وفي علاقة بعدد الفحوصات للكشف عن فيروس كوفيد- 19، التي تم إجراؤها إلى غاية 3 مارس الماضي، فقد بلغت 11 مليون فحص ، أي 297 فحصا لكل 1000 نسمة، وبمعدل إيجابي يتجاوز 10 في المائة، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة الثانية على صعيد القارة الإفريقية، بعد جنوب إفريقيا التي أنجزت ما مجموعه 23,2 مليون فحصا (أي 386 فحصا لكل 1000 نسمة).
واعتبرت الدراسة، أن هذا الرقم يظل “بصرف النظر عن أية عوامل أخرى، أقل مما تنجزه بلدان أخرى، لاسيما الهند وفرنسا والمملكة المتحدة والنمسا، التي بلغ عدد الفحوصات، المنجزة خلال الفترة ذاتها، أزيد من 770,1 و 248,5 و 466,7 و 161,3 مليون كشف على التوالي (أي ما يمثل على التوالي، 553 و 3686 و 6843 و 17837 فحصا لكل 1000 نسمة).
الدراسة، كشفت أيضا أن 44 شركة مغربية قامت خلال الجائحة باستيراد الكواشف والمنتجات المتعلقةبتشخيص الإصابة بفيروس كوفيد- 19 ، ضمنها 3 شركات تخصصت في التصنيع المحلي لكواشف الفيروس .
وعلاقة بالتوزيع الجغرافي، تتمركز الشركات المستوردة للكواشف ومعدات التشخيص المتعلقة بفيروس كوفيد- 19 أساسا في مدينتي الدار البيضاء والرباط، بنسبة تعادل 86 في المائة من الشركات المذكورة.
ومن ضمن أوجه القصور التي سجلها المجلس وهو يتتبع تطور وضعية سوق فحوصات كوفيد 19 بالمغرب، عدم ملاءمة مسطرة التصريح بكواشف تشخيص الإصابة بالفيروس وتسجيلها مع السياق المرتبط بحالة الطوارئ الصحية، ونقل في هذا الإطار تصريحات عن فاعلين في القطاع ،تفيد بأن هذه المسطرة تتسم بالبطء، إذ يستغرق الحصول على شهادة ترخيص لتوزيع الكاشف 12 شهرًا كحد أقصى، بينما يتطلب منح رخصة توزيع مستلزم طبي مدة أقصاها 6 أشهر.
وخلصت الدراسة إلى أن الإطار القانوني الحالي يتضمن عدة حواجز تنظيمية تعيق الولوج إلى الأسواق. كما أنه لم يتم تكييفه مع الوضع الاستثنائي المرتبط بتفشي فيروس كوفيد- 19 ، مما حال دون الشبكة الوطنية لتصنيع واستيراد وتوزيع منتوجات تشخيص الإصابة بالفيروس، وبالتالي الحد من الجهود التي تبذلها السلطات لتطويق تفشي الوباء.

وكالة وطنية للأدوية والمستلزمات الطبية

ويرى المجلس أن إجراءات الموافقة على الكواشف والمستلزمات الطبية المتعلقة بتشخيص الإصابة بالفيروس يجب أن تتم في غضون مواعيد معقولة ومحددة، شرط ألا تتسبب في انعكاسات سلبية على جودة سلامة وأداء هذه المنتوجات، مشددا على ضرورة اتخاذ تدابير لتسريع إجراءات التحقق من صحة فحوصات التشخيص، لا سيما مع ظهور متحورات جديدة، تنتشر سريعا على المستوى الوطني.
وأوصى المجلس أيضا بتحديد إطار تشريعي مرجعي لتسويق كواشف “مغربية مائة بالمائة”، مقترحا تعزيز اتفاقيات الشراء في مجال الفحوصات التشخيصية، من خلال وضع حوافز تمنح الأفضلية للمنتوجات المصنعة محليا، وتشجع الشركات المصنعة الوطنية على ضمان قدرة إنتاجية تسمح بتأمين إمداد السوق الداخلي.
كما حث على الإسراع في إحداث الوكالة الوطنية للأدوية والمستلزمات الطبية، وإمدادها بموارد مالية وبشرية تمكنها من تعزيز دورها كسلطة وطنية مختصة وذات قوة اقتراحية.
ودعا المجلس كذلك إلى إعادة النظر في الحواجز القانونية والتنظيمية، التي لا يزال بعضها غير ملائم مع الوضع الحالي.
في هذا الإطار يقترح المجلس “التخفيف من المتطلبات الخاصة بشروط أخذ العينات من المرضى، والتي تستلزم تفوير غرفة مخصصة ومكان يفصل بين مرضى كوفيد 19 وغير المصابين به”، مع الترخيص للمختبرات الخاصة بالتعاقد مع مختبرات أخرى عامة أو خاصة لآخذ العينات أو القيام بالتحاليل المتعلقة بفحوصات تشخيص الإصابة بالفيروس، لاسيما إذا كانت تمتثل للمتطلبات التقنية لإجراء هذه الفحوصات.
ومن بين توصيات المجلس أيضا، الدعوة لنشر أسعار الفحوصات التي تقوم بها الجهات المرخص لها لها للكشف عن كوفيد-19، حيث اقترح تحيين قائمة المختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية المنتسبة إلى شبكة تشخيص الإصابة بفيروس كوفيد- 19 ، والمنشورة على بوابة المعهد الوطني للصحة منذ فاتح شتنبر 2021 قصد تسهيل توفير للمعلومات لصالح المواطنين، وإضافة معلومات عن الأسعار المعمول بها لكل نوع من الفحوصات، وبشكل يمكن جميع المواطنين من الولوج إلى البوابة وإجراء المقارنة والعثور على أفضل الأسعار.
وأكد مجلس المنافسة أن هذه الخطوة ستساهم في إزالة الغموض بشأن وضعية الأسعار وتحفيز تنافسية سوق فحوصات كوفيد-19.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock