
صرح يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، مؤخرا أن العمل عن بعد لم يعد مجرد حل مؤقت خلال فترة الجائحة، بل أصبح خيارا استراتيجيا يستدعي تأطيرا قانونيا واضحا عبر مدونة الشغل، وذلك للحفاظ على حقوق العمال وأرباب العمل، وتحقيق المرونة التشغيلية، فضلا عن تحسين جودة حياة العاملين.وهذا ما يفتح الباب للحديث عن الكلفة النفسية والاجتماعية لهذا النمط الجديد من العمل.
وفي هذا الإطار، أكد سامي المرزوقي، أخصائي نفسي في حديثه لـ”رسالة 24″، أنه رغم المزايا العديدة للعمل عن بعد، فإن الاعتماد المكثف عليه ينطوي على تكاليف اجتماعية ونفسية مهمة ينبغي أخذها بعين الاعتبار. من هذه التكاليف، الانعزال الاجتماعي، الذي يؤدي إلى تراجع التفاعل المباشر بين الموظفين، مما يضعف التلاحم الجماعي والتواصل غير الرسمي الذي يثري بيئة العمل.
ويشير المرزوقي إلى أن هناك فئات من الموظفين قد تفتقر إلى الوسائل التقنية أو بيئة العمل الملائمة، الأمر الذي يزيد من الفوارق الاجتماعية. كما أن هذا النمط من الاشتغال يسبب تداخل الحياة الشخصية مع المهنية، إذ يصعب الفصل بينهما، ما قد يؤدي إلى نشوب نزاعات أسرية أو إلى إجهاد ذهني متزايد.
ويضيف الأخصائي النفسي أن الكلفة النفسية للعمل عن بعد تظهر بشكل واضح من خلال ظاهرة الإجهاد الرقمي، حيث يؤدي الاستخدام المكثف للأجهزة الإلكترونية والضغط المستمر للبقاء متصلاً إلى إرهاق نفسي بالغ. كما يرتبط العمل عن بعد بالقلق المتزايد والشعور بعدم الأمان الوظيفي، خصوصاً في حال عدم وضوح المهام أو غياب آليات تقييم شفافة، مما يخلق توترا مستمرا لدى الموظف. ومن جانب آخر، قد يواجه العاملون عن بعد مخاطر تدهور صحتهم النفسية، فتزداد لديهم مشاعر الوحدة، والاكتئاب، واضطرابات القلق. فضلاً عن ذلك، يعاني الكثيرون من صعوبة الحفاظ على توازن نفسي سليم، نتيجة عدم القدرة على التحكم في أوقات العمل والراحة، مما يزيد من احتمال الإصابة بالاحتراق المهني.
يُذكر أن استطلاع رأي رسمي أُجري في المغرب عام 2022، كشف أن 81.6% من المشاركين يعتبرون العمل عن بعد فرصة لتوفير الوقت والمال المخصصين للتنقل.
وأُجري هذا الاستطلاع من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عبر المنصة الرقمية “أشارك”، في الفترة من 8 إلى 29 أبريل 2022، بمشاركة 27,638 شخصاً.
كما توقع 89% من المشاركين أن يفرض العمل عن بعد نفسه كنمط جديد للعمل في المغرب، مع تأكيد 64.4% منهم على ضرورة ممارسته بالتناوب مع العمل الحضوري.